أزال يده عما كان عليه إزالته عنه فلا يقطع واختلف فيمن أقر بالسرقة مرة واحدة فقال أبو حنيفة وزفر ومالك والشافعي والثوري إذا أقر بالسرقة مرة واحدة قطع وقال أبو يوسف وابن شبرمة وابن أبي ليلى لا يقطع حتى يقر مرتين والدليل على صحة القول الأول ما روى عبدالعزيز بن محمد الدراوردي عن يزيد بن صفية عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال أتي بسارق إلى النبي ص - فقال يا رسول الله هذا سرق فقال ما أخاله سرق فقال السارق بلى قال فاذهبوا به فاقطعوه فقطع ورواه غير الدراوردي عن محمد بن عبدالرحمن عن النبي ص - ولم يذكر فيه أبا هريرة منهم الثوري وابن جريج ومحمد بن إسحاق قال أبو بكر وعلى أي وجه حصلت الرواية من وصل أو قطع فحكمها ثابت لأن إرسال من أرسله لا يمنع صحة وصل من وصله ومع ذلك لو حصل مرسلا لكان حكمه ثابتا لأن المرسل والموصول سواء عندنا فيما يوجبون من الحكم فقد قطع النبي ص - بإقراره مرة واحدة فإن قال قائل إنما قطعه بشهادة الشهود لأنهم قالوا سرق قيل له لو كان كذلك لاقتصر عليها ولم يلقنه الجحود فلما قال بعد قولهم سرق وما أخاله سرق ولم يقطعه حتى أقر ثبت أنه قطع بإقراره دون الشهادة فإن احتجوا بما روى حماد بن سلمة عن إسحاق عن عبدالله بن أبي طلحة عن أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبي أمية المخزومي أن رسول الله ص - أتي بلص اعترف اعترافا ولم يوجبوا معه المتاع فقال رسول الله ص - ما أخالك سرقت قال بلى يا رسول الله فأعادها عليه رسول الله ص - مرتين أو ثلاثا قال بلى فأمر به فقطع ففي هذا الحديث أنه لم يقطعه بإقراره مرة واحدة وهو أقوى إسنادا من الأول قيل له ليس في هذا الحديث بيان موضع الخلاف وذلك أنه لم يذكر فيه إقرار السارق مرتين أو ثلاثا قبل أن يقر ثم أقر فإن قيل فقد ذكر فيه أنه اعترف اعترافا فقال له النبي ص - ذلك مرتين أو ثلاثا ويحتمل أيضا أن يكون الاعتراف قد حصل منه عند غير النبي ص - فلا يوجب ذلك القطع عليه وأيضا لو ثبت أن النبي ص - أعاد عليه ذلك بعد الإقرار الأول لما دل على أن الإقرار الأول لم يوجب القطع إذ ليس يمتنع أن يكون القطع قد وجب وأراد النبي ص - أن يتوصل إلى إسقاطه بتلقينه الرجوع عنه فإن قيل روي عن النبي ص - أنه قال ما بنبغي لوال أمر أن يؤتى الحد إلا أقامه فلو كان القطع واجبا بإقراره بديا لما اشتغل النبي ص - بتلقينه الرجوع عن الإقرار