ذكرنا إنما هو في أحكامهم فيما بينهم وأما فيما بينهم لا بين المسلمين فيختلف حكم الكتابي وغير الكتابي في جواز المناكحة وأكل الذبيحة قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم يدل على أن حكم نصارى بني تغلب حكم نصارى بني إسرائيل في أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم وروي ذلك عن ابن عباس والحسن وقوله منكم يجوز أن يريد به المغرب لأنه لو أراد المسلمين لكانوا إذ تولوا الكفار صاروا مرتدين والمرتد إلى النصرانية واليهودية لا يكون منهم في شيء من أحكامهم ألا ترى أنه لا تؤكل ذبيحة وإن كانت امرأة لم يجز نكاحها ولا يرثهم ولا يرثونه ولا يثبت بينما شيء من حقوق الولاية وزعم بعضهم أن قوله ومن يتولهم منكم فإنه منهم يدل على أن المسلم لا يرث المترتد لإخبار الله أنه ممن تولاه من اليهود والنصارى ومعلوم أن المسلم لا يرث اليهودي ولا النصراني فكذلك لا يرث المرتد قال أبو بكر وليس فيه دلالة على ما ذكرنا لأنه لا خلاف أن المرتد إلى اليهودية لا يكون يهوديا والمرتد إلى النصرانية لا يكون نصرانيا ألا ترى أنه لا تؤكل ذبيحته ولا يجوز تزويجها إن كانت امرأة وأنه لا يرث اليهودي ولا يرثه فكما لم يدل ذلك على إيجاب التوارث بينه وبين اليهودي والنصراني كذلك لا يدل على أن المسلم لا يرثه وإنما المراد أحد وجهين إن كان الخطاب لكفار العرب فهو دال على أن عبدة الأوثان من العرب إذا تهودوا أو تنصروا كان حكمهم حكمهم في جواز المناكحة وأكل الذبيحة والإقرار على الكفر بالجزية وإن كان الخطاب للمسلمين فهو إخبار بأنه كافر مثلهم بموالاته إياهم فلا دلالة فيه على حكم الميراث فإن قال قائل لما كان ابتداء الخطاب في المؤمنين لأنه قال يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء لم يحتمل أن يريد بقوله ومن يتولهم منكم مشركي العرب قيل له لما كان المخاطبون بأول الآية في ذلك الوقت هم العرب جاز أن يريد بقوله ومن يتولهم منكم العرب فيفيد أن مشركي العرب إذا تولوا اليهود أو النصارى بالديانة والانتساب إلى الملة يكونون في حكمهم وإن لم يتمسكوا بجميع شرائع دينهم ومن الناس من يقول فيمن اعتقد من أهل ملتنا بعض المذاهب الموجبة لإكفار معتقديها أن الحكم بإكفاره لا يمنع أكل ذبيحته ومناكحة المرأة منهم إذا كانوا منتسبين إلى ملة الإسلام وإن كفروا باعتقادهم لما يعتقدونه من المقالة الفاسدة إذ كانوا في الجملة متولين لأهل الإسلام منتسبين إلى حكم القرآن كما أن