بالرجس النجس ويتبع أحدهما الآخر كقولهم حسن بسن وعطشان نطشان وما جرى مجرى ذلك والرجز قد قيل فيه إنه العذاب في قوله تعالى لئن كشفت عنا الرجز أي العذاب وقد يكون في معنى الرجس كما في قوله والرجز فاهجر وقوله ويذهب عنكم رجز الشيطان وإنما قال تعالى من عمل الشيطان لأنه يدعو إليه ويأمر به فأكد بذلك أيضا حكم تحريمها إذ كان الشيطان لا يأمر إلا بالمعاصي والقبائح والمحرمات وجازت نسبته إلى الشيطان على وجه المجاز إذ كان هو الداعي إليه والمزين له ألا ترى لو أغرى غيره أو نسبه وزينه له جاز أن يقال له هذا من عملك قوله تعالى إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر الآية فإنما يريد به ما يدعو الشيطان إليه ويزينه من شرب الخمر حتى يسكر منها شاربها فيقدم على القبائح ويعربد على جلسائه فيؤدي ذلك إلى العداوة والبغضاء وكذلك القمار يؤدي إلى ذلك قال قتادة كان الرجل يقامر في ماله وأهله فيقمر ويبقى حزينا سليبا فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء ومن الناس من يستدل به على تحريم النبيذ إذ كان السكر منه يوجب من العداوة والبغضاء مثل ما يوجبه السكر في الخمر وهذا المعنى لعمري موجود فيما يوجب السكر منه غير موجود فيما لا يوجبه ولا خلاف في تحريم ما يوجب السكر منه وأما قليل الخمر فليست هذه العلة موجودة فيه فهو محرم لعينه وليس فيه علة تقتضي تحريم قليل النبيذ قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا قال ابن عباس وجابر والبراء بن عازب وأنس بن مالك والحسن ومجاهد وقتادة والضحاك لما حرم الخمر كان قد مات رجال من أصحاب رسول الله ص - وهم يشربون الخمر قبل أن تحرم فقالت الصحابة كيف بمن مات منا وهم يشربونها فأنزل الله تعالى هذه الآية وروى عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي عن علي إن قوما شربوا بالشام وقالوا هي لنا حلال وتأولوا هذه الآية فأجمع عمر وعلي على أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا وروى الزهري قال أخبرني عبدالله بن عامر بن ربيعة أن الجارود سيد بني عبدالقيس وأبا هريرة شهدا على قدامة بن مظعون أنه شرب الخمر وأراد عمر أن يجلده فقال قدامة ليس لك ذلك لأن الله تعالى يقول ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح الآية فقال عمر إنك قد أخطأت التأويل يا قدامة إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله تعالى عليك فلم يحكموا على قدامة بحكمهم