على التخيير لأن أو يقتضي ذلك كقوله تعالى في كفارة اليمين فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة وكقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وروي نحو ذلك عن ابن عباس وعطاء والحسن وإبراهيم رواية وهو قول أصحابنا وروي عن ابن عباس رواية أخرى أنها على الترتيب وروي عن مجاهد والشعبي والسدي مثله وعن إبراهيم رواية أخرى أنها على الترتيب والصحيح هو الأول لأنه حقيقة اللفظ ومن حمله على الترتيب زاد فيه ما ليس منه ولا يجوز إلا بدلالة قوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه روي عن ابن عباس والحسن وشريح إن عاد عمدا لم يحكم عليه والله تعالى ينتقم منه وقال إبراهيم كانوا يسئلون هل أصبت شيئا قبله فإن قال نعم لم يحكمون عليه وإن قال لا حكم عليه وقال سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد يحكم عليه أبدا وسأل عمر قبيصة بن جابر عن صيد أصابه وهو محرم فسأل عمر عبدالرحمن بن عوف ثم حكم عليه ولم يسئله هل أصبت قبله شيئا وهو قول فقهاء الأمصار وهو الصحيح لأن قوله تعالى ومن قتله منكم متعمدا فجزاء يوجب الجزاء في كل مرة كقوله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وذكره الوعيد للعائد لا ينافي وجوب الجزاء ألا ترى أن الله تعالى قد جعل حد المحارب جزاء له بقوله إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ثم عقبه بذكر الوعيد بقوله ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم فليس إذا في ذكر الانتقام من العائد نفي لإيجاب الجزاء وعلى أن قوله تعالى ومن عاد فينتقم الله منه لا دلالة فيه على أن المراد العائد إلى قتل الصيد بعد قتله لصيد آخر قبله لأن قوله عفا الله عما سلف يحتمل أن يريد به عفا الله عما سلف قبل التحريم ومن عاد يعني بعد التحريم وإن كان أول صيد بعد نزول الآية وإذا كان فيه احتمال ذلك لم يدل على أن العائد في قتل الصيد بعد قتله مرة أخرى ليس عليه إلا الإنتقام .
فصل قوله تعالى ليذوق وبال أمره يحتج به لأبي حنيفة في المحرم إذا أكل من الصيد الذي لزمه جزاؤه أن عليه قيمة ما أكل يتصدق به لأن الله تعالى أخبر أنه أوجب عليه الغرم ليذوق وبال أمره بإخراج هذا القدر من ماله فإذا أكل منه فقد رجع من الغرم في مقدار ما أكل منه فهو غير ذائق بذلك وبال أمره لأن من غرم شيئا وأخذ