أن السلب غير مستحق للقاتل لأنه لو استحقه لما جاز أن يمنعه ودل ذلك على أن قوله بديا ادفعه لم يكن على جهة الإيجاب وإنما كان على وجه النفل وجائز أن يكون ذلك من الخمس ويدل عليه ما روى يوسف الماجشون قال حدثني صالح بن إبراهيم عن أبيه عن عبدالرحمن بن عوف أن معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح قتلا أبا جهل فقال النبي ص - كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو فلما قضى به لأحدهما مع إخباره أنهما قتلاه دل على أنهما لم يستحقاه بالقتل ألا ترى أنه لو قال من قتل قتيلا فله سلبه ثم قتله رجلان استحقا السلب نصفين فلو كان القاتل مستحقا للسلب لوجب أن يكون لو وجد قتيل لا يعرف قاتله أن لا يكون سلبه من جملة الغنيمة بل يكون لقطة لأن له مستحقا بعينه فلما اتفق الجميع على أن سلب من لم يعرف قاتله في المعركة من جملة الغنمية دل على أن القاتل لا يستحقه وقد قال الشافعي إن القاتل لا يستحق السلب في الإدبار وإنما يستحقه في الإقبال فالأثر الوارد في السلب لم يفرق بين حال الإقبال والإدبار فإن احتج بالخبر فقد خالفه وإن احتج بالنظر فالنظر يوجب أن يكون غنيمة للجميع لاتفاقهم على أنه إذا قتله في حال الإدبار لم يستحقه وكان غنيمة والمعنى الجامع بينهما أنه قتله بمعاونة الجميع ولم يتقدم من الأمير قول في استحقاقه ويدل على أن القاتل إنما يستحقه إذا تقدم من الأمير قول قبل إحراز الغنيمة أنه لو قال من قتل قتيلا فله سلبه ثم قتله مقبلا أو مدبرا استحق سلبه ولم يختلف حال الإقبال والإدبار فلو كان السلب مستحقا بنفس القتل لما اختلف حكمه في حال الإدبار والإقبال وقد روي عن عمر في قتيل البراء بن مالك أنا كنا لا نخمس السلب وإن سلب البراء قد بلغ مالا ولا أرانا إلا خامسيه واختلف في الأمير إذا قال من أصاب شيئا فهو له فقال أصحابنا والثوري والأوزاعي هو كما قال ولا خمس فيه وكره مالك أن يقول من أصاب شيئا فهو له لأنه قتال يجعل وقال الشافعي يخمس ما اصابه إلا سلب المقتول قال أبو بكر لما اتفقوا على جواز أن يقول من أصاب شيئا فهو له وأنه يستحق وجب أن لا خمس فيه وأن لا يجوز قطع حقوق أهل الخمس عنه كما جاز قطع حقوق سائر الغانمين عنه وأيضا فإن قوله من اصاب شيئا فهو له بمنزلة من قتل قتيلا فله سلبه فلما لم يجب في السلب الخمس إذا قال الأمير ذلك كذلك سائر الغنيمة وأيضا فإن الله تعالى إنما أوجب الخمس فيما صار غنيمة لهم بقوله تعالى واعلموا