بما وصفنا ومما يحتج به لذلك ما روى أبو يوسف عن حصين بن عبدالرحمن عن رجل عن أبي عمران أن رجلا قال له إني سمعت راهبا سب النبي ص - فقال لو سمعته لقتلته إنا لم نعطهم العهد على هذا وهو إسناد ضعيف وجائز أن يكون قد شرط عليهم أن لا يظهروا سب النبي ص - وقد روى سعيد عن قتادة عن أنس أن يهوديا مر على النبي ص - فقال السام عليك فقال رسول الله ص - أتدرون ما قال فقالوا نعم ثم رجع فقال مثل ذلك فقال رسول الله ص - إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك وروى الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخل رهط من اليهود على النبي ص - فقالوا السام عليك قالت ففهمتها فقالت وعليكم السام واللعنة فقال النبي ص - مهلا يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا قال النبي ص - قلت عليكم ومعلوم أن مثله لو كان من مسلم لصار به مرتدا مستحقا للقتل ولم يقتلهم النبي ص - بذلك وروى شعبة عن هشام بن يزيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت النبي ص - بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها فقالوا ألا تقتلها قال لا قال فما زلت أعرفها في سهوات رسول الله ص - ولا خلاف بين المسلمين أن من قصد النبي ص - بذلك فهو ممن ينتحل الإسلام أنه مرتد يستحق القتل ولم يجعل النبي ص - مبيحة لدمها بما فعلت فكذلك إظهار سب النبي ص - من الذمي مخالف لإظهار المسلم له وقوله فقاتلوا أئمة الكفر روى ابن عباس ومجاهد أنهم رؤساء قريش وقال قتادة أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة وسهيل بن عمرو وهم الذين هموا بإخراجه قال أبو بكر ولم يختلف في أن سورة براءة نزلت بعد فتح مكة وأن النبي ص - بعث بها مع علي بن ابي طالب ليقرأها على الناس في سنة تسع وهي السنة التي حج فيها أبو بكر وقد كان أبو جهل وأمية بن خلف وعتبة بن ربيعة قد كانوا قتلوا يوم بدر ولم يكن بقي من رؤساء قريش أحد يظهر الكفر في وقت نزول براءة وهذا يدل على أن رواية من روى ذلك في رؤساء قريش وهم اللهم إلا أن يكون المراد قوما من قريش قد كانوا أظهروا الإسلام وهم الطلقاء من نحو أبي سفيان وأحزابه ممن لم ينق قلبه من الكفر فيكون مراد الآية هؤلاء دون أهل العهد من المشركين الذين لم يظهروا الإسلام وهم الذين كانوا هموا بإخراج الرسول من مكة وبدرهم بالقتال والحرب بعد الهجرة وجائز أن يكون مراده هؤلاء الذين ذكرنا وسائر رؤساء العرب الذين كانوا