ميسرة عن طاوس عن معاذ بن جبل إنه كان يأخذ من أهل اليمن العروض في الزكاة ويجعلها في صنف واحد من الناس وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر ومالك ابن أنس وقال الشافعي تقسم على ثمانية أصناف إلا أن يفقد صنف فتقسم في الباقين لا يجزي غيره وهذا قول مخالف لقول من قدمنا ذكره من السلف ومخالف للآثار والسنن وظاهر الكتاب قال الله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم وذلك عموم في جميع الصدقات لأنه اسم للجنس لدخول الألف واللام عليه فاقتضت الآية دفع جميع الصدقات إلى صنف واحد من المذكورين وهم الفقراء فدل على أن مراد الله تعالى في ذكر الأصناف إنما هو بيان أسياب الفقر لا قسمتها على ثمانية ويدل عليه أيضا قوله تعالى في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم وذلك يقتضي جواز إعطاء الصدقة هذين دون غيرهما وذلك ينفي وجوب قسمتها على ثمانية وأيضا فإن قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء عموم في سائر الصدقات وما يحصل منها في كل زمان وقوله تعالى للفقراء إلى آخره عموم أيضا في سائر المذكورين من الموجودين ومن يحدث منهم ومعلوم أنه لم يرد منهم قسمة كل ما يحصل من الصدقة في الموجودين ومن يحدث منهم لاستحالة إمكان ذلك إلى أن تقوم الساعة فوجب أن يجزي إعطاء صدقة عام واحد لصنف واحد وإعطاء صدقة عام ثان لصنف آخر ثم كذلك صدقة كل عام لصنف من الأصناف على ما يرى الإمام قسمته فثبت بذلك أن صدقة عام واحد أو رجل واحد غير مقسومة على ثمانية وأيضا لا خلاف أن الفقراء لا يستحقونها بالشركة وأنه جائز أن يحرم البعض منهم ويعطى البعض فثبت أن المقصد صرفها في بعض المذكورين فوجب أن يجوز إعطاؤها بعض الأصناف كما جاز إعطاؤها بعض الفقراء لأن ذلك لو كان حقا لهم جميعا لما جاز حرمان البعض وإعطاء البعض قال أبو بكر ويدل عليه ما روي في حديث سلمة بن صخر حين ظاهر من امرأته ولم يجد ما يطعم فأمره النبي ص - أن ينطلق إلى صاحب صدقة بني زريق ليدفع إليه صدقاتهم فأجاز النبي ص - دفع صدقاتهم إلى سلمة وإنما هو من صنف واحد وفي حديث عبيدالله بن عدي بن الخيار في الرجلين اللذين سألا النبي ص - من الصدقة فرآهما جلدين فقال إن شئتما أعطيتكما ولم يسئلهما من أي الأصناف هما ليحسبهما من الصنف ويدل على أنها مستحقة بالفقر قوله ص