غيره فيه شركة حتى يساويه فيه إذ كانت مساواتهما في الشركة تزيل معنى الخلوص والتخصيص فلما أضاف لفظ الهبة إلى المرأة فقال وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي فأجاز العقد منها بلفظ الهبة علمنا أن التخصيص لم يقع في اللفظ وإنما كان في المهر فإن قيل قد شاركه في جواز تمليك البضع بغير بدل ولم يمنع ذلك خلوصها له فكذلك في لفظ العقد قيل له هذا غلط لأن الله أخبر أنها خالصة له وإنما جعل الخلوص فيما هو له وإسقاط المراة المهر في العقد ليس هو لها ولكنه عليها فلم يخرجه ذلك من أن يكون ما جعل له خالصا لم تشركه فيه المرأة ولا غيره والوجه الثاني من دلالة الآية قوله تعالى إن أراد النبي أن يستنكحها فسمى العقد بلفظ الهبة نكاحها فوجب أن يجوز لكل أحد لقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وأيضا لما جاز هذا العقد للنبي ص - وقد أمرنا باتباعه والاقتداء به وجب أن يجوز لنا فعل مثله إلا أن تقوم الدلالة على أنه كان مخصوصا باللفظ دون أمته وقد حصل له معنى الخلوص المذكور في الآية من جهة إسقاط المهر فوجب أن يكون ذلك مقصورا عليه وما عداه فغير محمول على حكمه إلا أن تقوم الدلالة على أنه مخصوص به ومما يدل على أن خصوصية النبي ص - كانت في الصداق ما حدثنا عن عبدالله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تعير النساء اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ص - قالت ألا تستحي أن تعرض نفسها بغير صداق فانزل الله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء إلى قوله فلا جناح عليك قالت عائشة Bها لرسول الله ص - إني أرى ربك يسارع في هواك ويدل على جوازه بلفظ الهبة ما حدثنا عن محمد بن علي بن زيد الصائغ قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن قال حدثنا أبو حازم عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت إلى رسول الله ص - فقالت يا رسول الله جئت لأهب نفسي لك فنظر إليها فصعد البصر وصوبه ثم طأطأ رأسه فقام رجل من الصحابة فقال يا رسول الله إن لم تك لك بها حاجة فزوجنيها وذكر الحديث إلى قوله فقال معي سورة كذا وسورة كذا فقال اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ففي هذا الحديث أنه عقد له النكاح بلفظ التمليك والهبة من ألفاظ التمليك فوجب أن يجوز بها عقد النكاح ولأنه إذا ثبت بلفظ التمليك بالسنة ثبت بلفظ الهبة إذ لم