لا يحسن الرمي قد يصيب في بعض الأوقات برميته ولا يستحق بذلك أن يسمى راميا ولا أنه تعلم الرمي فكذلك من أنشد شعرا لغيره وأنشأ بيتا ونحوه لم يسم شاعرا قوله تعالى قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة فيه من أوضح الدليل على أن من قدر على الابتداء كان أقدر على الإعادة إذ كان ظاهر الأمر أن إعادة الشيء أيسر من ابتدائه فمن قدر على الإنشاء ابتداء فهو على الإعادة أقدر فيما يجوز عليه البقاء وفيه الدلالة على وجوب القياس والاعتبار لأنه ألزمهم قياس النشأة الثانية على الأولى وربما احتج بعضهم بقوله تعالى قال من يحيي العظام وهي رميم على أن العظم فيه حياة فيجعله حكم الموت بموت الأصل ويكون ميتة وليس كذلك لأنه إنما سماه حيا مجازا إذ كان عضوا يحيى الأرض بعد موتها ومعلوم أنه لا حياة فيها آخر سورة يس .
ومن سورة والصافات .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قوله تعالى إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر إلى قوله وفديناه بذبح عظيم قال أبو بكر ظاهره يدل على أنه كان مأمورا بذبحه فجائز أن يكون الأمر إنما تضمن معالجة الذبح لا ذبحا يوجب الموت وجائز أن يكون الأمر حصل على شريطة التخلية والتمكن منه وعلى أن لا يفديه بشيء وأنه إن فدى منه بشيء كان قائما مقامه والدليل على أن ظاهره قد اقتضى الأمر قوله افعل ما تؤمر وقوله وفديناه بذبح عظيم فلو لم يكن ظاهره قد اقتضى الأمر بالذبح لما قال افعل ما تؤمر ولم يكن الذبح فداء عن ذبح متوقع وروي أن إبراهيم عليه السلام كان نذر إن رزقه الله ولدا ذكرا أن يجعله ذبيحا لله فأمر بالوفاء به وروي أن الله تعالى ابتدأ بالأمر بالذبح على نحو ما قدمنا وجائز أن يكون الأمر ورد بذبح ابنه وذبح فوصل الله أوداجه قبل خروج الروح وكانت الفدية لبقاء حياته قال أبو بكر وعلى أي وجه تصرف تأويل الآية قد تضمن الأمر بذبح الولد إيجاب شاة في العاقبة فلما صار موجب هذا اللفظ إيجاب شاة في المتعقب في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد أمر الله باتباعه بقوله تعالى ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وقال أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده وجب على من نذر ذبح ولده شاة وقد اختلف السلف وفقهاء الأمصار بعدهم في ذلك