وقال مالك تصح الجمعة في كل قرية فيها بيوت متصلة وأسواق متصلة يقدمون رجلا يخطب ويصلي بهم الجمعة إن لم يكن لهم إمام وقال الأوزاعي لا جمعة إلا في مسجد جماعة مع الإمام وقال الشافعي إذا كانت قرية مجتمعة البناء والمنازل وكان أهلها لا يظعنون عنها إلا ظعن حاجة وهم أربعون رجلا حرا بالغا غير مغلوب على عقله وجبت عليهم الجمعة قال أبو بكر روي عن النبي ص - أنه قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع وروي عن علي مثله وأيضا لو كانت الجمعة جائزة في القرى لورد النقل به متواترا كوروده في فعلها في الأمصار لعموم الحاجة إليه وأيضا لما اتفقوا على امتناع جوازها في البوادي لأنها ليست بمصر وجب مثله في السواد وروي انه قيل للحسن إن الحجاج أقام الجمعة بالأهواز فقال لعن الله الحجاج يترك الجمعة في الأمصار ويقيمها في حلاقيم البلاد فإن قيل روي عن ابن عمر أن الجمعة تجب على من أواه الليل وإن أنس بن مالك كان بألطف فربما جمع وربما لم يجمع وقيل من الطف إلى البصرة أقل من أربع فراسخ وأقل من مسيرة نصف يوم قيل له إنما هذا كلام فيما حكمه حكم المصر فرأى ابن عمر أن ما قرب من المصر فحكمه حكمه وتجب على أهله الجمعة وهذا يدل على أنهم لم يكونوا يرون الجمعة إلا في الأمصار أو ما حكمه حكم الأمصار والجمعة ركعتان نقلتها الأمة عن النبي ص - قولا وعملا وقال عمر صلاة السفر ركعتان وصلاة الفجر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم ص - وإنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة .
باب وجوب خطبة الجمعة .
قال الله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع فاقتضى ذلك وجوب السعي إلى الذكر ودل على أن هناك ذكرا واجبا يجب السعي إليه وقال ابن المسيب فاسعوا إلى ذكر الله موعظة الإمام وقال عمر في الحديث الذي قدمنا إنما قصرت الجمعة لأجل الخطبة وروى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص - إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول فإذا خرج الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة فالمهجر إلى الجمعة كالذي يهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي شاة ثم الذي يليه كالمهدي دجاجة ثم الذي يليه كالمهدي بيضة ويدل على أن المراد بالذكر ههنا هو الخطبة أن الخطبة هي التي