فأتى ابن عمر غداة الجمعة فأخبر بشكواه فانطلق إليه وترك الجمعة وقال عبيدالله بن عمر خرج سالم من مكة يوم الجمعة وروي عن عطاء والقاسم بن محمد أنهما كرها أن يخرج يوم الجمعة في صدر النهار وعن الحسن وابن سيرين قالا لا بأس بالسفر يوم الجمعة مالم تحضر الجمعة وروى إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن النخعي قال إذا أراد الرجل السفر يوم الخميس فليسافر غدوة إلى أن يرتفع النهار فإن أقام إلى العشي فلا يخرج حتى يصلي الجمعة وروي عن عطاء عن عائشة قالت إذا أدركتك ليلة الجمعة فلا تخرج حتى تجمع فهذا مذهب عائشة وإبراهيم قال الله تعالى هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها فأباح السفر في سائر الأوقات ولم يخصصه بوقت دون وقت فإن قيل هذا واضح في ليلة الجمعة ويوم الجمعة قبل الزوال وإباحة السفر فيهما والواجب أن يكون منهيا عنه بعد الزوال لأنه قد صار من أهل الخطاب بحضورها لقوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع قيل له لا خلاف أن الخطاب بذلك لم يتوجه إلى المسافرين وفرض الصلاة عندنا يتعلق بآخر الوقت فإذا خرج وصار مسافرا في آخر الوقت علمنا أنه لم يكن من أهل الخطاب بفعل الجمعة وقوله تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله قال الحسن والضحاك هو إذن ورخصة قال أبو بكر لما ذكر بعد الحظر كان الظاهر أنه إباحة وإطلاق من حظر كقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا وقيل وابتغوا من فضل الله بعمل الطاعة والدعاء لله وقيل وابتغوا من فضل الله بالتصرف في التجارة ونحوها وهو إباحة أيضا وهو أظهر الوجهين لأنه قد حظر البيع في صدر الآية كما أمر بالسعي إلى الجمعة قال أبو بكر ظاهر قوله وابتغوا من فضل الله إباحة للبيع الذي حظر بديا وقال الله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فكان المعنى يبتغون من فضل الله بالتجارة والتصرف ويدل على أنه إنما أراد ذلك أنه قد عقبه بذكر الله فقال واذكروا الله كثيرا وفي هذه الآية دلالة على إباحة السفر بعد صلاة الجمعة لأنه قال فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله وقوله تعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها روي عن جابر بن عبدالله والحسن قالا رأوا عير طعام قدمت المدينة وقد أصابتهم مجاعة وقال جابر اللهو المزامير وقال مجاهد الطبل قل ما عند الله من الثواب على سماع الخطبة وحضور الموعظة خير من اللهو ومن التجارة