لا آكل منه ووالله لا أشرب منه ونحو ذلك لقوله تعالى لم تحرم ما أحل الله لك ثم قال قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم فجعل التحريم يمينا فصارت اليمين في مضمون لفظ التحريم ومقتضاه في حكم الشرع فإذا أطلق كان محمولا على اليمين إلا أن ينوي غيرها فيكون ما نوى فإذا حرم امرأته وأراد الطلاق كان طلاقا لاحتمال اللفظ له وكل لفظ يحتمل الطلاق ويحتمل غيره فإنه متى أراد به الطلاق كان طلاقا والأصل فيه قول النبي ص - لركانة حين طلق امرأته البتة بالله ما أردت إلا واحدة فتضمن ذلك معنيين أحدهما أن كل لفظ يحتمل الثلاث ويحتمل غيرها فإنه متى أراد الثلاث كان ثلاثا لولا ذلك لم يستحلفه عليها والثاني أنه لم يلزمه الثلاث بوجود اللفظ وجعل القول قوله لاحتمال فيه فصار ذلك أصلا في أن كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره إنا لا نجعله طلاقا إلا بمقارنة الدلالة لإرادة الطلاق ومما يدل على أن اللفظ المحتمل للطلاق يجوز إيقاع الطلاق به وإن لم يكن طلاقا في نفسه أن النبي ص - قال لسودة اعتدي ثم راجعها فأوقع الطلاق بقوله اعتدي لاحتماله له ولا نعلم أحدا من السلف منع إيقاع الطلاق بلفظ التحريم ومن قال منهم هو يمين فإنما أراد به عندنا إذا لم تكن له نية الطلاق ولم تقارنه دلالة الحال وزعم مالك ان من حرم على نفسه شيئا غير امرأته أنه لا يلزمه بذلك شيء وإن ذلك ليس بيمين وقد ذكرنا ما اقتضى قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك من كونه يمينا لقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم وأنه لا يجوز إسقاط موجب هذا اللفظ من كون الحرام يمينا برواية من روى أن النبي ص - حلف أن لا يشرب العسل إذ غير جائز الاعتراض على حكم القرآن بخبر الواحد ولأن من روى اليمين يجوز أن يكون إنما عنى به التحريم وحده إذ كان التحريم يمينا ويدل من جهة النظر على أن التحريم يمين أن المحرم للشيء على نفسه قد اقتضى لفظه إيجاب الامتناع عنه كالأشياء المحرمة وذلك في معنى النذر وقول القائل لله علي أن لا أفعل ذلك فلما كان النذر يمينا بالسنة واتفاق الفقهاء وجب أن يكون تحريم الشيء بمنزلة النذر فتجب فيه كفارة يمين إذا حنث كما تجب في النذر وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا روي عن علي في قوله قوا أنفسكم وأهليكم قال علموا أنفسكم وأهليكم الخير وقال الحسن تعلمهم وتأمرهم وتنهاهم قال أبو بكر وهذا يدل على أن علينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين