مورد البيان فحكمه أن يكون شاملا لجميع ما اقتضى البيان من التقدير فما من مسافر إلا وهو الذي يكون سفره ثلاثا ولو كان ما دون الثلاث سفرا في الشرع لكان قد بقي مسافرا لم يتبين حكمه ولم يكن اللفظ مستوعبا لجميع ما اقتضى البيان وذلك يخرجه عن حكم البيان ومن جهة أخرى أن المسافر اسم للجنس لدخول الألف واللام عليه فما من مسافر إلا وقد انتظمه هذا الحكم فثبت أن من خرج عنه فليس بمسافر يتعلق بسفره حكم وفي ذلك أوضح الدلالة على أن السفر الذي يتعلق به الحكم هو سفر ثلاث وأن ما دونه لا حكم له في إفطار ولا قصر ومن جهة أخرى أن هذا الضرب من المقادير لا يؤخذ من طريق المقاييس وإنما طريق إثباته الاتفاق أو التوقيف فلما عدمنا فيما دون الثلاث الاتفاق والتوقيف وجب الوقوف عند الثلاث لوجود الاتفاق فيه أنه سفر يبيح الإفطار وأيضا لما كان لزوم فرض الصوم هو الأصل واختلفوا في مدة رخصة الإفطار لم يجز لنا عند الاختلاف ترك الفرض إلا بالإجماع وهو الثلاث لأن الفروض يحتاط لها ولا يحتاط عليها وقد روي عن عبدالله بن مسعود وعمار وابن عمر أنه لا يفطر في أقل من الثلاث قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين اختلف الفقهاء من السلف في تأويله فروى المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال أحيل الصيام على ثلاثة أحوال ثم أنزل الله كتب عليكم الصيام إلى قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا وأجزى عنه ثم أنزل الله الآية الأخرى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأثبت الله تعالى صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام وعن عبدالله بن مسعود وابن عمر وابن عباس وسلمة بن الأكوع وعلقمة والزهري وعكرمة في قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين قال كان من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى وأطعم كل يوم مسكينا حتى نزل فمن شهد منكم الشهر فليصمه وروي فيه وجه آخر وهو ما روى عبدالله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحق عن الحرث عن علي كرم الله وجهه قال من أتى عليه رمضان وهو مريض أو مسافر فليفطر وليطعم كل يوم مسكينا صاعا فذلك قوله وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ووجه آخر وهو ما روى منصور عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقرأها وعلى الذين