غيره لما فيه من تخصيص العموم بلا دلالة ولما كان حكم اللفظ مستعملا في إباحة الأكل والشرب في ليالي صوم التطوع ثبت أنها مراده باللفظ فإذا كان كذلك ثم عطف عليه قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل اقتضى ذلك لزوم إتمام الصوم الذي صح له الدخول فيه تطوعا كان ذلك الصوم أو فرضا وأمر الله تعالى على الوجوب فغير جائز لأحد دخل في صوم التطوع أو الفرض الخروج منه بغير عذر وإذا لزم المضي فيه وإتمامه بظاهر الآية فقد صح عليه وجوبه ومتى أفسده لزمه قضاؤه كسائر الواجبات فإن قيل قد روي أن الآية نزلت في صوم الفرض فوجب أن يكون مقصور الحكم عليه قيل له نزول الآية على سبب لا يمنع عندنا اعتبار عموم اللفظ لأن الحكم عندنا للفظ لا للسبب ولو كان الحكم في ذلك مقصورا على السبب لوجب أن يكون خاصا في الذين اختانوا أنفسهم منهم فلما اتفق الجميع على عموم الحكم فيهم وفي غيرهم ممن ليس في مثل حالهم دل ذلك على أن الحكم غير مقصور على السبب وأنه عام في سائر الصيام كهو في سائر الناس في صوم رمضان فصح بما وصفنا وجه الإستدلال بقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل على لزوم الصوم بالدخول فيه وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر من دخل في صيام التطوع أو صلاة التطوع فأفسده أو عرض له فيه ما يفسده فعليه القضاء وهو قول الأوزاعي إذا أفسده وقال الحسن بن صالح إذا دخل في صلاة التطوع فأقل ما يلزمه ركعتان وقال مالك إن أفسده هو فعليه القضاء ولو طرئ عليه ما أخرجه منه فلا قضاء عليه وقال الشافعي C إن أفسد ما دخل فيه تطوعا فلا قضاء عليه وروي عن ابن عباس وابن عمر مثل قولنا حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا بشر بن موسى قال حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا هشيم قال حدثنا عثمان البتي عن أنس بن سيرين قال صمت يوما فأجهدت فأفطرت فسألت ابن عباس وابن عمر فأمراني أن أصوم يوما مكانه وروى طلحة بن يحيى عن مجاهد قال هو بمنزلة الصدقة يخرجها الرجل من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها ولم يختلفوا في الحج والعمرة إذا أحرم بهما تطوعا ثم أفسدهما أن عليه قضاؤهما وإن أحصر فيهما فقد اختلف الناس فيه أيضا فقال أصحابنا ومن تابعهم عليه القضاء وقال مالك والشافعي لا قضاء عليه وما قدمنا من دلالة قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل يوجب القضاء سواء خرج منه بعذر أو بغير