والبيضة هديا وإن لم يرد به إهداءه إلى البيت وإنما أراد به الصدقة وإخراجها مخرج القربة ولذلك قال أصحابنا فيمن قال لله على أن أهدى ثوبي هذا أو داري هذه أن عليه أن يتصدق به واتفق الفقهاء على أن ما عدا هذه الأصناف الثلاثة من الإبل والبقر والغنم ليس من الهدي المراد بقوله فما استيسر من الهدي واختلفوا فيما أريد به منها على ما ذكرنا وظاهر الآية يقتضي دخول الشاة فيه لوقوع الاسم عليها ولم يختلفوا في معنى قوله هديا بالغ الكعبة أن الشاة منه وأنه يكون هديا في جزاء الصيد وروى إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي ص - أهدى غنما مرة وروى الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال كان فيما أهدى رسول الله ص - غنم مقلدة فإن قيل الرواية عن عائشة في هدي الغنم لا يصح لأن القاسم قد روى عنها أنها كانت لا ترى الغنم مما يستيسر من الهدي قيل له إنما معناه أنه لا يصير محرما بها وأن هدي الإبل والبقر يوجب الإحرام إذا أراده وقلدهما وأما اعتبار الثنى فلما روى عن النبي ص - في قصة أبي بردة بن نيار حين ضحى قبل الصلاة فأمر النبي ص - بإعادتها فقال عندي جذعة من المعز خير من شاتي لحم فقال تجزى عنك ولا تجزى عن أحد بعدك فمنع الجذع في الأضحية والهدي مثلها لأن أحدا لم يفرق بينهما وإنما أجازوا الجذع من الضأن لما روي عن النبي ص - أنه أمر بأن يضحى بالجذع من الضأن إذا فرض له ستة أشهر وقد بينا ذلك في شرح المختصر وقد اختلفوا في جواز الشركة في دم الهدايا الواجبة فقال أصحابنا والشافعي تجوز البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وقال مالك يجوز ذلك في التطوع ولا يجزى في الواجب وروى جابر عن النبي ص - أنه جعل يوم الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة وتلك كانت واجبة لأنها كانت عن إحصار ولما اتفقوا على جوازها عن سبعة في التطوع كان الواجب مثله لأنهما لا يختلفان في الجواز في سائر الوجوه ويدل عليه قوله فما استيسر من الهدي ظاهره يقتضي التبعيض فوجب أن يجزى بعض الهدي بحق الظاهر والله أعلم .
باب المحصر أين يذبح الهدي .
قال الله تعالى ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله واختلف السلف في المحل ما هو فقال عبدالله بن مسعود وابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وابن سيرين هو الحرم وهو قول أصحابنا والثوري وقال مالك والشافعي محله الموضع الذي أحصر