كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف وقد روي عن النبي ص - ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة ويروى ذلك موقوفاعلى عمر وعن عمر وعائشة وابن عمر وشريح وجماعة من التابعين دفع مال اليتيم مضاربة والتجارة به وقد حوت هذه الآية ضرويا من الأحكام أحدها قوله قل إصلاح لهم خير فيه الدلالة على جواز خلط ماله بماله وجواز التصرف فيه بالبيع والشرى إذا كان ذلك صلاحا وجواز دفعه مضاربة إلى غيره وجواز أن يعمل ولي اليتيم مضاربة أيضا وفيه الدلالة على جواز الاجتهاد في أحكام الحوادث لأن الإصلاح الذي تضمنته الآية إنما يعلم من طريق الاجتهاد وغالب الظن ويدل على أن لولي اليتيم أن يشتري من ماله لنفسه إذا كان خير لليتيم وذلك بأن ما يأخذه اليتيم أكثر قيمة مما يخرج عن ملكه وهو قول أبي حنيفة ويبيع أيضا من مال نفسه لليتيم لأن ذلك من الإصلاح له ويدل أيضا على أن له تزويج اليتيم إذا كان ذلك من الإصلاح وذلك عندنا فيمن كان ذا نسب منه دون الوصي الذي لا نسب بينه وبينه لأن الوصية نفسها لا يستحق بها الولاية في التزويج ولكنه قد اقتضى ظاهره أن للقاضي أن يزوجه ويتصرف في ماله على وجه الإصلاح ويدل على أن له أن يعلمه ما له فيه صلاح من أمر الدين والأدب ويستأجر له على ذلك وأن يؤاجره ممن يعلمه الصناعات والتجارات ونحوها لأن جميع ذلك قد يقع على وجه الإصلاح ولذلك قال أصحابنا إن كل من كان اليتيم في حجره من ذوي الرحم المحرم فله أن يؤاجره ليعلم الصناعات وقال محمد له أن ينفق عليه من ماله وقالوا أنه إذا وهب لليتيم مال فلمن هو في حجره ان يقبضه له لما له فيه من الإصلاح فظاهر الآية قد اقتضى جميع ذلك كله وقوله ويسألونك عن اليتامة قل إصلاح لهم خير إنما عنى بالمضمرين في قوله ويسألونك القوام على الأيتام الكافلين لهم وذلك ينتظم كل ذي رحم محرم لأن له إمساك اليتيم وحفظه وحياضته وحضانته وقد انتظم قوله قل إصلاح لهم خير سائر الوجوه التي ذكرنا من التصرف في ماله على وجه الإصلاح والتزويج والتقويم والتأديب وقوله خير قد دل على معان منها إباحة التصرف على اليتامى من الوجوه التي ذكرنا ومنها أن ذلك مما يستحق به الثواب لأنه سماه خيرا وما كان خيرا فإنه يستحق به الثواب ومنها أنه لم يوجبه وإنما وعد به الثواب فدل على أنه ليس بواجب عليه التصرف في ماله بالتجارة ولا هو مجبر على تزويجه