دون أن أقام عليهم الحجة والبرهان في صحة نبوته فكانت الدلائل منصوبة للإعتقاد وإظهار الإسلام معا لأن تلك الدلائل من حيث ألزمتهم اعتقاد الإسلام فقد اقتضت منه الإظهاره والقتال لإظهار الإسلام وكان في ذلك أعظم المصالح منها أنه إذا أظهر الإسلام وإن كان غير معتقد له فإن مجالسته للمسلمين وسماعه القرآن ومشاهدته لدلائل الرسول ص - مع ترادفها عليه تدعوه إلى الإسلام وتوضح عنده فساد اعتقاده ومنها أن يعلم الله أن في نسلهم من يوقن ويعتقد التوحيد فلم يجز أن يقتلوا مع العلم بأنه سيكون في أولادهم من يعتقد الإيمان وقال أصحابنا فيمن أكره من أهل الذمة على الإيمان أنه يكون مسلما في الظاهر ولا يترك والرجوع إلى دينه إلا أنه لا يقتل إن رجع إلى دينه ويجبر على الإسلام من غير قتل لأن الإكراه لا يزيل عنه حكم الإسلام وإذا أسلم وإن كان دخوله فيه مكرها دالا على أنه غير معتقد له لما وصفنا من أسلام من أسلم من المشركين بقتال النبي ص - وقوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها فجعل النبي ص - إظهار الإسلام عند القتال إسلاما في الحكم فكذلك المكره على الإسلام من أهل الذمة واجب أن يكون مسلما في الحكم ولكنهم لم يقتلوا المشبهة ولا نعلم خلافا أن أسيرا من أهل الحرب لو قدم ليقتل فأسلم أنه يكون مسلما ولم يكن إسلامه خوفا من القتل مزيلا عنه حكم الإسلام فكذلك الذمي فإن قال قائل قوله تعالى لا إكراه في الدين يحظر إكراه الذمي على الإسلام وإذا كان الإكراه على هذا الوجه محظورا وجب أن لا يكون مسلما في الحكم وأن لا يتعلق عليه حكمه ولا يكون حكم الذمي في هذا حكم الحربي لأن الحربي يجوز أن يكره على الإسلام لإبائه الدخول في الذمة ومن دخل في الذمة لم يجز إكراهه على الإسلام قيل له إذا ثبت أن الإسلام لا يختلف حكمه في الإكراه والطوع لمن يجوز إجباره عليه أشبه في هذا الوجه العتق والطلاق وسائر ما لا يختلف فيه حكم جده وهزله ثم لا يختلف بعد ذلك أن يكون الإكراه مأمورا به أو مباحا كما لا يختلف حكم العتق والطلاق في ذلك لأن رجلا لو أكره رجلا على طلاق أو عتاق ثبت حكمهما عليه وإن كان المكره ظالما في إكراهه منهيا عنه وكونه منهيا عنه لا يبطل حكم العتق والطلاق عندنا كذلك ما وصفنا من أمر الإكراه على الإسلام .
قوله D ألم تر الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك الآية قال أبو بكر