مضمنا للزوم حقوقه وفي تصديقه على فساده نفي ما لزمه بظاهر العقد ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن مدعي الفساد منهما بعد وقوع العقد بينهما وصحته في الظاهر غير مصدق عليه وإن القول قول مدعي الصحة منهما وفي ذلك دليل على صحة ما ذكرنا من أن من ألزم نفسه دينا بعقد عقده على نفسه أنه يلزمه أداؤه محكوم عليه بأنه موسر به وغير مصدق على الإعسار المسقط عنه المطالبة كما لا يصدق على التأجيل بعد ثبوته عليه حالا وإنما قال أصحابنا أنه يحبسه في أول ما يرفعه إلى القاضي إذا طلب ذلك الطالب ولا يسئل عنه من قبل أنه توجهت عليه المطالبة بأدائه ومحكوم له باليسار في قضائه فالواجب أن يستبرئ أمره بديا إذ جائز أن يكون له مال قد خبأه لا يقف عليه غيره فلا يوقف بذلك على إعساره فينبغي له أن يحبسه استظهارا لما عسى أن يكون عنده إذ كان في الأغلب أنه إن كان عنده شيء آخر أضجره الحبس وألجأه إلى إخراجه فإذا حبسه هذه المدة فقد استظهر في الغالب فحينئذ يسئل عنه لأنه جائز أن يكون هناك من يعلم يساره سرا فإذا ثبت عنده إعساره خلاه من الحبس وقد روي عن شريح أنه كان يحبس المعسر في غير الربا من الديون فقال له معسر قد حبسه قال الله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة فقال شريح إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها والله لا يأمرنا بشيء ثم يعذبنا عليه وقد قدمنا ذكر مذهب شريح في تأويل الآية وإن قوله تعالى وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة مقصور على الربا دون غيره وإن غيره من الديون لا يختلف في الحبس فيها الموسر والمعسر ويشتبه أن يكون ذهب في ذلك إلى أنه لا سبيل لنا إلى معرفة الإعسار على الحقيقة إذ جائز أن يظهر الإعسار وحقيقة أمره اليسار فاقتصر بحكم الإنظار على رأس مال الربا الذي نزل به القرآن وحمل ما عداه على موجب عقد المداينة من لزوم القضاء وتوجه المطالبة عليه بالأداء وقد بينا وجه فساد هذا القول بما قد دللنا عليه من مقتضى عموم اللفظ لسائر الديون ومع ذلك فلو كان نص التنزيل واردا في الربا دون غيره لكان سائر الديون بمنزلته قياسا عليه إذ لا فرق في حال اليسار بينهما في صحة لزوم المطالبة بهما ووجوب أدائهما فوجب أن لا يختلفا في حال الأداء في سقوط الحبس فيها دونه فأما قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها واحتجاج شريح به في حبس المطلوب فإن الآية إنما هي في ا لأعيان الموجودة في يده لغيره فعليه أداؤه وأما الديون