الحجر فإنهم يحتجون بأن أهله أتوا النبي ص - فقالوا يا نبي الله احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف فلم ينكره عليهم بل نهاه عن البيع ولما قال لا أصبر عن البيع قال إذا بايعت فقل لا خلابة فأطلق له البيع على شريطة نفي التغابن فيه وأما مبطلوه فإنهم يستدلون بأنه لما قال إني لا أصبر عن البيع أطلق له النبي ص - التصرف وقال له إذا بعت فقل لا خلابة فلو كان الحجر واجبا لما كان قوله لا أصبر عن البيع مزيلا للحجر عنه لأن أحدا من موجبي الحجر لا يرفع الحجر عنه لفقد صبره عن البيع وكما أن الصبي والمجنون المستحقين للحجر عند الجميع لو قالا لا نصبر عن البيع لم يكن هذا القول منهما مزيلا للحجر عنهما ولما قيل لهما إذا بايعتما فقولا لا خلابة وفي إطلاق النبي ص - له التصرف على الشريطة التي ذكرها دلالة على ان الحجر غير واجب وأن نهي النبي ص - له بديا عن البيع وقوله فقل لا خلابة على وجه النظر له والإحتياط لماله كما تقول لمن يريد التجارة في البحر أو في طريق مخوف لا تغرر بمالك واحفظه وما جرى مجرى ذلك وليس هذا بحجر وإنما هو مشورة وحسن نظر ومما يدل على بطلان الحجر أنهم لا يختلفون أن السفيه يجوز إقراره بما يوجب الحد والقصاص وذلك مما تسقطه الشبهة فوجب أن يكون إقراره بحقوق الآدميين التي لا تسقطها الشبهة أولى فإن قال قائل المريض جائز الإقرار بما يوجب الحد والقصاص ولا يجوز إقراره ولا هبته إذا كان عليه دين يحيط بماله فليس جواز الإقرار بالحد والقصاص أصلا للإقرار بالمال والتصرف فيه قيل له إن إقرار المريض عندنا بجميع ذلك جائز وإنما نبطله إذا اتصل بمرضه الموت لأن تصرفه مراعى معتبر بالموت فإذا مات صار تصرفه واقعا في حق الغير الذي هو أولى منه به وهم الغرماء والورثة فأما تصرفه في الحال فهو جائز مالم يطرأ الموت ألا ترى أنا لا نفسخ هبته ولا نوجب السعاية على من أعتقه من عبيده حتى يحدث الموت فإقراره بالحد والقصاص والمال غير متفرقين في حال الحياة .
ومما يحتج به مثبتو الحجر قوله ولا تبذر تبذيرا وقوله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك الآية فإذا كان التبذير مذموما منهيا عنه وجب على الإمام المنع منه وذلك بأن يحجر عليه ويمنعه التصرف في ماله وكذلك نهي النبي ص - عن إضاعة المال يقتضي منعه عن إضاعته بالحجر عليه وهذا لا دلالة فيه على الحجر لأنا نقول إن التبذير محظور