من أصلكم إيجاب فرض التسمية على الذبيحة ولو تركها عامدا كانت ميتة وإذا تركها ناسيا حلت وكانت مذكاة ولم تجعلوها بمنزلة تارك الطهارة ناسيا حتى صلى فيكون مأمورا بإعادتها بالطهارة قطعا وكذلك الكلام في الصلاة ناسيا قيل له لما بينا من أنه لم يكلف في الحال غير ما فعل على وجه النسيان والذي لزمه بعد الذكر فرض مبتدأ آخر وكذلك نجيز في هذه القضية أن لا يكون مكلفا في حال النسيان للتسمية فصحت الزكاة ولا تتأتى بعد الزكاة فيه ذبيحة أخرى فيكون مكلفا لها كما كلف إعادة الصلاة والصوم ونحوه قوله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت هو مثل قوله تعالى ولا تكسب كل نفس إلا عليها وقوله وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى وفيه الدلالة على أن كل واحد من المكلفين فأحكام أفعاله متعلقة به دون غيره وإن أحدا لا يجوز تصرفه على غيره ولا يؤاخذ بجريرة سواه وكذلك قال النبي ص - لأبي رمثة حين رآه مع ابنه فقال هذا ابنك قال نعم قال إنك لا تجني عليه ولا يجني عليك وقال ص - لا يؤاخذ أحد بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه فهذا هو العدل الذي لا يجوز في العقول غيره وقوله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت يحتج به في نفي الحجر وامتناع تصرف أحد من قاض أو غيره على سواه ببيع ماله أو منعه منه إلا ما قامت الدلالة على خصوصه ويحتج به في بطلان مذهب مالك بن أنس في أن من أدى دين غيره بغير أمره أن له أن يرجع به عليه لأن الله تعالى إنما جعل كسبه له وعليه ومنع لزومه غيره قوله D ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا قد قيل في معنى الإصر إنه الثقل وأصله في اللغة يقال إنه العطف ومنه أواصر الرحم لأنها تعطفه عليه والواحد آصرة والمأصر يقال أنه حبل يمد على طريق أو نهر تحبس به المارة ويعطفون به على النفوذ ليؤخذ منهم العشور والمكس والمعنى في قوله لا تحمل علينا إصرا يريد به عهدا وهو الأمر الذي يثقل روي نحوه عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وهو في معنى قوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج يعني من ضيق وقوله يريد الله بكم اليسر الآية وقوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج وقال النبي ص - جئتكم بالحنيفية السمحة وروي عنه أن بني إسرائيل شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فقوله ولا تحمل علينا إصرا يعني من ثقل الأمر والنهي كما حملته على الذين من قبلنا وهو كقوله ويضع عنهم إصرهم