قد اكتتبت في غزوة كذا وقد أرادت امرأتي أن تحج فقال رسول الله ص - احجج مع امرأتك وهذا يدل على أن قوله لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم قد انتظم المرأة إذا أرادت الحج من ثلاثة أوجه أحدها أن السائل عقل منه ذلك ولذلك سأله عن امرأته وهي تريد الحج ولم ينكر النبي ص - ذلك عليه فدل على أن مراده ص - عام في الحج وغيره من الأسفار والثاني قوله حج مع امرأتك وفي ذلك إخبار منه بإرادة سفر الحج في قوله لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم والثالث أمره إياه بترك الغزو للحج مع امرأته ولو جاز لها الحج بغير محرم أو زوج لما أمره بترك الغزو وهو فرض للتطوع وفي هذا دليل أيضا على أن حج المرأة كان فرضا ولم يكن تطوعا لأنه لو كان تطوعا لما أمره بترك الغزو الذي هو فرض لتطوع المرأة ومن وجه آخر وهو أن النبي ص - لم يسئله عن حج المرأة أفرض هو أم نفل وفي ذلك دليل على تساوي حكمهما في امتناع خروجها بغير محرم فثبت بذلك أن وجود المحرم للمرأة من شرائط الإستطاعة ولا خلاف أن من شرط استطاعتها أن لا تكون معتدة لقوله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة فلما كان ذلك معتبرا في الإستطاعة وجب أن يكون نهيه للمرأة أن تسافر بغير محرم معتبرا فيها ومن شرائطه ما ذكرنا من إمكان ثبوته على الراحلة وذلك لما حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا موسى بن الحسن بن أبي عبادة قال حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن سليمان بن يسار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم سألت النبي ص - في حجة الوداع فقالت يا رسول الله إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة أفأحج عنه قال نعم حجي عن أبيك فأجاز ص - للمرأة أن تحج عن أبيها ولم يلزم الرجل الحج بنفسه فثبت بذلك أن من شرط الإستطاعة إمكان الوصول إلى الحج وهؤلاء وإن لم يلزمهم الحج بأنفسهم إذا كانوا واجدين للزاد والراحلة فإن عليهم أن يحجوا غيرهم عنهم أعني المريض والزمن والمرأة إذا حضرتهم الوفاة فعليهم أن يوصوا بالحج وذلك أن وجود ما يمكن به الوصول إلى الحج في ملكهم يلزمهم فرض الحج في أموالهم إذا لم يمكنهم فعله بأنفسهم لأن فرض الحج يتعلق بمعنيين أحدهما بوجود الزاد والراحلة وإمكان فعله بنفسه فعلى من كانت هذه صفته الخروج والمعنى الآخر أن يتعذر فعله بنفسه لمرض أو كبر سن أو زمانة أو