فلما نزلت المواريث وجعل لكل وارث نصيب معلوم صار ذلك منسوخا وأما الذين قالوا ثابتة الحكم فإنه محمول عندنا على أنهم رأوها ندبا واستحبابا لا حتما وإيجابا لأنها لو كانت واجبة مع كثرة قسمة المواريث في عهد النبي ص - والصحابة ومن بعدهم لنقل وجوب ذلك واستحقاقه لهؤلاء كما نقلت المواريث لعموم الحاجة إليه فلما لم يثبت وجوب ذلك عن النبي ص - ولا عن الصحابة دل ذلك على أنه استحباب ليس بإيجاب وما روي عن عبدالرحمن وعبيدة وأبي موسى في ذلك فجائر أن يكون الورثة كانوا كبارا فذبح الشاة من جملة المال بإذنهم وما روي في الحديث أن أبي عبيدة قسم ميراث أيتام فذبح شاة فإن هذا على أنهم كانوا يتامى فكبروا لأنهم لو كانوا صغارا لم تصح مقاسمتهم ويدل على أنه ندب ما روى عطاء عن سعيد بن جبير أن الوصي يقول لهؤلاء الحاضرين من أولي القربى وغيرهم أن هؤلاء الورثة صغار ويعتذرون إليهم بمثله ولو كانوا مستحقين له على الإيجاب لوجب إعطاؤهم صغارا كان الورثة أو كبارا وأيضا فإن الله تعالى قد قسم المواريث بين ا لورثة وبين نصيب كل واحد منهم في آية المواريث ولم يجعل فيها لهؤلاء شيئا وما كان ملكا لغيره فغير جائز إزالته إلى غيره إلا بالوجوه التي حكم الله بإزالته بها لقوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم وقال ص - دماؤكم وأموالكم عليكم حرام وقال لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه وهذا كله يوجب أن يكون إعطاء هؤلاء الحاضرين عند القسمة استحبابا لا إيجابا وأما قوله تعالى وقولوا لهم قولا معروفا فقد روي عن ابن عباس أنه إذا كان في المال تقصير اعتذر إليهم وعن سعيد بن جبير قال يعطي الميراث أهله وهو معنى قوله تعالى فارزقوهم منه في هذه الرواية ويقول لمن لا يرث إن هذا المال لقوم غيب ولأيتام صغار ولكم فيه حق ولسنا نملك أن نعطي منه شيئا فمعناه عنده ضرب من الاعتذار إليهم وقال بعض أهل العلم إذا أعطوهم عند القسمة شيئا لا يمن عليهم ولا ينتهرهم ولا يسيء اللفظ فيما يخاطبهم به لقوله تعالى قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى وقوله تعالى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وقوله تعالى وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم الآية اختلف السلف في تأويله فروي عن ابن عباس رواية وعن سعيد بن جبير والحسن ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي قالوا هو الرجل يحضره الموت