إليه ولعرفتها الكافة كما عرفتها بديا ولما اجتمعت الصحابة على تحريمها لو كانت الإباحة باقية فلما وجدنا الصحابة منكرين لإباحتها موجبين لحظرها مع علمهم بديا بإباحتها دل ذلك على حظرها بعد الإباحة ألا ترى أن النكاح لما كان مباحا لم يختلفوا في إباحته ومعلوم أن بلواهم بالمتعة لو كانت مباحة كبلواهم بالنكاح فالواجب إذا أن يكون ورود النقل في بقاء إباحتها من طريق الإستفاضة ولا نعلم أحدا من الصحابة روي عنه تجريد القول في إباحة المتعة غير ابن عباس وقد رجع عنه حين استقر عنده تحريمها بتواتر الأخبار من جهة الصحابة وهذا كقوله في الصرف وإباحته الدرهم بالدرهمين يدا بيد فلما استقر عنده تحريم النبي ص - إياه وتواترت عنده الأخبار فيه من كل ناحية رجع عن قوله وصار إلى قول الجماعة فكذلك كان سبيله في المتعة ويدل على أن الصحابة قد عرفت نسخ إباحة المتعة ما روي عن عمر أنه قال في خطبته متعتان كانتا على عهد رسول الله ص - أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما وقال في خبر آخر لو تقدمت فيها لرجمت فلم ينكر هذا القول عليه منكر لا سيما في شيء قد علموا إباحته وإخباره بأنهما كانتا على عهد رسول الله ص - فلا يخلو ذلك من أحد وجهين إما أن يكونوا قد علموا بقاء إباحتها فاتفقوا معه على حظرها وحاشاهم من ذلك لأن ذلك يوجب أن يكونوا مخالفين لأمر النبي ص - عيانا وقد وصفهم الله تعالى بأنهم خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فغير جائز منهم التواطؤ على مخالفة أمر النبي ص - ولأن ذلك يؤدي إلى الكفر وإلى الانسلاخ من الإسلام لأن من علم إباحة النبي ص - للمتعة ثم قال هي محظورة من غير نسخ لها فهو خارج من الملة فإذا لم يجز ذلك علمنا أنهم قد علموا حظرها بعد الإباحة ولذلك لم ينكروه ولو كان ما قال عمر منكرا ولم يكن النسخ عندهم ثابتا لما جاز أن يقروه على ترك النكير عليه وفي ذلك دليل على إجماعهم على نسخ المتعة إذ غير جائز حظر ما أباحه النبي ص - إلا من طريق النسخ .
ومما يدل على تحريم المتعة من طريق النظر أنا قد علمنا أن عقد النكاح وإن كان واقعا على استباحة منافع البضع فإن استحقاق تلك المنافع بعقد النكاح بمنزلة العقود على المملوكات من الأعيان وأنه مخالف لعقود الإجارات الواقعة على منافع الأعيان ألا ترى أن عقد النكاح يصح مطلقا من غير شرط مدة مذكورة له وأن عقود الإجارات لا تصح إلا على مدد معلومة أو على