لا يدل على أن ما عداالمخصوص حكمه بخلافه .
فإن قيل لا يصح الاحتجاج بقوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم في إباحة النكاح وذلك لأن الإحصان اسم مشترك يتناول معاني مختلفة وليس بعموم فيجري على مقتضى لفظه بل هو مجمل موقوف الحكم على البيان فما ورد به البيان من توقيف أو اتفاق صرنا إليه وكان حكم الآية مقصورا عليه وما لم يرد به بيان فهو على إجماله لا يصح الاحتجاج بعمومه فلما اتفق الجميع على أن الحرائر من الكتابيات مرادات به استعملنا حكم الآية فيهن ولما لم تقم الدلالة على إرادة الإماء الكتابيات احتجنا في إثباتها إلى دليل من غيرها .
قيل له لما روي عن جماعة من السلف في قوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب إنهن العفائف منهن إذا كان اسم الإحصان يقع على العفة وجب اعتبار عموم اللفظ في جميع العفائف إذ قد ثبت أن العفة مرادة بهذا الإحصان وما عدا ذلك من ضروب الإحصان لم تقم الدلالة على أنها مرادة وقد اتفقوا على أنه ليس من شرط هذا الإحصان استكمال شرائطه كلها فما وقع عليه الاسم واتفق الجميع أنه مراد أثبتناه وما عداه يحتاج مثبته شرطا في الإباحة إلى دلالة فإن قيل اسم الإحصان يقع على الحرية فما أنكرت أن يكون المراد بقوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم الحرائر منهن قيل له لما كان معلوما أنه لم يرد بذكر الإحصان في هذا الموضع استيفاء شرائطه لم يجز لأحد أن يقتصر بمعنى الإحصان فيه على بعض ما يقع عليه الاسم دون بعض بل إذا تناوله الاسم من وجه وجب اعتبار عمومه فيه فلما كانت الأمة قد يتناولها اسم الإحصان على الإطلاق في بعض الوجوه من طريق العفة أو غيرها جاز اعتبار عموم ا للفظ فيه وإذا جاز لك أن تقتصر باسم الإحصان على الحرية دون غيرها فجائز لغيرك أن يقتصر به على العفاف دون غيره وغير جائز لنا إجمال حكم اللفظ مع إمكان استعماله على العموم وقد أطلق الله اسم الإحصان على الأمة فقال تعالى فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فقال بعضهم أراد فإذا أسلمن وقال بعضهم فإذا تزوجن فكان اعتبار هذا العموم سائغا في إيجاب الحد عليهن وقد قال في الآية والمحصنات من المؤمنات ولم يرد به حصول جميع شرائط الإحصان وإنما أراد به العفائف منهن وحرم ذوات الأزواج بقوله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فكان عموما في تحريم الأزواج إلا