المقصود بها طلب الأرباح قال الله تعالى هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله فسمى الإيمان تجارة على وجه المجاز تشبيها بالتجارات المقصود بها الأرباح وقال تعالى ترجون تجارة لن تبور كما سمى بذل النفوس لجهاد أعداء الله تعالى شرى قال الله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فسمى بذل النفوس شراء على وجه المجاز وقال الله تعالى ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون فسمى ذلك بيعا وشراء على وجه المجاز تشبيها بعقود الأشرية والبياعات التي تحصل بها الأعواض كذلك سمى الإيمان بالله تعالى تجارة لما استحق به من الثواب الجزيل والأبدال الجسيمة فتدخل في قوله تعالى إلا أن تكوت تجارة عن تراض منكم عقود البياعات والإجارت والهبات المشروطة فيها الأعواض لأن المبتغى في جميع ذلك في عادات الناس تحصيل الأعواض لا غير .
ولا يسمى النكاح تجارة في العرف والعادة إذ ليس المبتغى منه في الأكثر الأعم تحصيل العوض الذي هو مهر وإنما المبتغى فيه أحوال الزوج من الصلاح والعقل والدين والشرف والجاه ونحو ذلك فل يسم تجارة لهذا المعنى وكذلك الخلع والعتق على مال ليس يكاد يمسى شيء من ذلك تجارة ولما ذكرنا من اختصاص اسم التجارة بما وصفنا قال أبو حنيفة ومحمد إن المأذون له في التجارة لا يزوج أمته ولا عبده ولا يكاتب ولا يعتق على مال ولا يتزوج هو أيضا وإن كانت أمة لا تزوج نفسها لأن تصرفه مقصور على التجارة وليست هذه العقود من التجارة وقالوا إنه يؤاجر نفسه وعبيده وما في يده من أموال التجارة إذ كانت الإجارة من التجارة وكذلك قالوا في المضارب وشريك العنان لأن تصرفهما مقصور على التجارة دون غيرها ولم يختلف الناس أن البيوع من التجارات .
واختلف أهل العلم في لفظ البيع كيف هو وقال أصحابنا إذا قال الرجل بعني عبدك هذا بألف درهم فقال قد بعتك لم يقع البيع حتى يقبل الأول ولا يصح عندهم إيجاب البيع ولا قبوله إلا بلفظ الماضي ولا يقع بلفظ الإستقبال لأن قوله بعني إنما هو سوم وأمر بالبيع وليس بإيقاع للعقد والأمر بالبيع ليس ببيع وكذلك قوله أشتري منك ليس بشرى وإنما هو إخبار بأنه يشتريه لأن الألف للإستقبال وكذلك قول البائع إشتر مني وقوله أبيعك ليس ذلك بلفظ العقد وإنما هو أخبار بأنه سيعقد