إجازته فحمله محمد على الافتراق بالقول وذلك سائغ قال الله تعالى وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ويقال تشاور القوم في كذا فافترقوا عن كذا يراد به الاجتماع على قول والرضى به وإن كانوا مجتمعين في المجلس ويدل على أن المراد الافتراق بالقول ما حدثنا محمد بن بكر البصري قال حدثنا أبو داود قال حدثنا قتيبة قال حدثنا الليث عن محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ص - قال المتبايعيان بالخيار مالم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقبله .
وقوله المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا هو على الافتراق بالقول ألا ترى أنه قال ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله وهذا هو افتراق الأبدان بعد الافتراق بالقول وصحة وقوع العقد به والاستقالة هو مسألته الإقالة وهذا يدل من وجهين على نفي الخيار بعد وقوع العقد أحدهما أنه لو كان له خيار المجلس لما احتاج إلى أن يسأله الإقالة بل كان هو يفسخه بحق الخيار الذي له فيه والثاني أن الإقالة لا تكون إلا بعد صحة العقد وحصول ملك كل واحد منهما فيما عقد عليه من قبل صاحبه فهذا يدل على نفي الخيار وصحة البيع وقوله ولا يحل له أن يفارقه يدل على أنه مندوب إلى إقالته إذا سأله إياها ما داما في المجلس مكروه له أن لا يجيبه إليها وأن حكمه في ذلك بعد الافتراق مخالف له إذا لم يفارقه في أنه لا يكره له ترك إجابته إلى الإقالة بعد الفرقة ويكره له قبلها .
ويدل عليه ما حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا علي بن أحمد الأزدي قال حدثنا إسماعيل بن عبدالله بن زرارة قال حدثنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله ص - البيعان لا بيع بينهما إلا أن يفترقا إلا بيع الخيار وحدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا معاذ بن المثنى قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبدالعزيز بن مسلم القسلمي عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله ص - كل بيعين لا بيع بينهما حتى يفترقا فأخبر ص - كل بيعين لا بيع بينهما إلا بعد الافتراق وهذا يدل على أنه أراد بنفيه البيع بينهما في حال السوم وذلك لأنهما لو كانا قد تبايعا لم ينف النبي ص - تبايعهما مع صحة العقد وقوعه فيما بينهما لأن النبي ص - لا ينفي ما قد أثبت فعلمنا أن المراد المتساومان اللذان قد قصدا إلى التبايع وأوجب البائع البيع للمشتري إلى شرائه منه بأن قال له بعني فنفى أن يكون بينهما بيع حتى يفترقا بالقول والقبول إذا لم يكن قوله بعني قبولا