إلى الإجتياز في المسجد إذ لم يكن لبيوتهم أبواب غير ما هي شارعة إلى المسجد وقد روى سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن المطلب أن رسول الله ص - لم يكن أذن لأحد أن يمر في المسجد ولا يجلس فيه وهو جنب إلا علي بن أبي طالب فإنه كان يدخله جنبا ويمر فيه لأن بيته كان في المسجد فأخبر في هذا الحديث بحظر النبي ص - الإجتياز كما حظر عليهم القعود وما ذكر من خصوصية علي Bه فهو صحيح وقول الراوي لأنه كان بيته في المسجد ظن منه لأن النبي ص - قد أمر في الحديث الأول بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في المسجد وإنما كانت الخصوصية فيه لعلي Bه دون غيره كما خص جعفر بأن له جناحين في الجنة دون سائر الشهداء وكما خص حنظلة بغسل الملائكة له حين قتل جنبا وخص دحية الكلبي بأن جبريل كان ينزل على صورته وخص الزبير بإباحة لبس الحرير لما شكا من أذى القمل فثبت بذلك أن سائر الناس ممنوعون من دخول المسجد مجتازين وغير مجتازين .
وأما ما روى جابر كان أحدنا يمر في المسجد مجتازا وهو جنب فلا حجة فيه لأنه لم يخبر أن النبي ص - علم بذلك فأقره عليه وكذلك ما روي عن عطاء بن يسار كان رجال من أصحاب رسول الله ص - تصيبهم الجنابة فيتوضؤن ثم يأتون المسجد فيتحدثون فيه لا دلالة فيه للمخالف لأنه ليس فيه أن النبي ص - أقرهم عليه بعد علمه بذلك منهم ولأنه جائز أن يكون ذلك في زمان النبي ص - قبل أن يحظر عليهم ذلك ولو ثبت جميع ذلك عن النبي ص - ثم روي ما وصفنا لكان خبر الحظر أولى لأنه طارئ على الإباحة لا محالة فهو متأخر عنها ولما ثبت باتفاق الفقهاء حظر القعود فيه لأجل الجنابة تعظيما لحرمة المسجد وجب أن يكون كذلك حكم الإجتياز تعظيما للمسجد ولأن العلة في حظر القعود فيه هو الكون فيه جنبا وذلك موجود في الإجتياز وكما أنه لما كان محظورا عليه العقود في ملك غيره بغير إذنه كان حكم الإجتياز فيه حكم القعود فكان الإجتياز بمنزلة القعود كذلك القعود في المسجد لما كان محظورا وجب أن يكون كذلك الإجتياز اعتبارا بما ذكرنا والعلة في الجميع حظر الكون فيه وأما قوله تعالى ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وتأويل من تأوله على إباحة الإجتياز في المسجد فإن ما روي عن علي وابن عباس في تأويله أن المراد المسافر الذي لا يجد الماء فيتيمم أولى من تأويل من تأوله على الإجتياز في المسجد وذلك