فصل في بيان وجه الدلالة على أن القرآن معجز .
قد ثبت بما بينا في الفصل الأول ان نبوة نبينا على دلالة معجزة القرآن فيجب أن نبين وجه الدلالة من ذلك قد ذكر العلماء أن الأصل في هذا هو أن يعلم أن القرآن الذي هو متلو محفوظ مرسوم في المصاحف هو الذي جاء به النبي وأنه هو الذي تلاه على من في عصره ثلاثا وعشرين سنة .
والطريق إلى معرفة ذلك هو النقل المتواتر الذي يقع عنده العلم الضروري به .
وذلك أنه قام به في المواقف وكتب به إلى البلاد وتحمله عنه إليها من تابعه وأورده على غيره ممن لم يتابعه حتى ظهر فيهم الظهور الذي لا يشتبه على أحد ولا يخيل أنه قد خرج من أتى بقرآن يتلوه ويأخذه على غيره ويأخذه غيره على الناس حتى انتشر ذلك في أرض العرب كلها وتعدى إلى الملوك المصاقبة لهم كملك الروم والعجم والقبط والحبش وغيرهم من ملوك الأطراف .
ولما ورد ذلك مضادا لأديان أهل ذلك العصر كلهم ومخالفا لوجوه اعتقاداتهم المختلفة في الكفر - وقف جميع أهل الخلاف على جملته ووقف جميع أهل دينه الذين أكرمهم الله بالإيمان على جملته / وتفاصيله وتظاهر بينهم حتى حفظه الرجال وتنقلت به الرحال وتعلمه الكبير والصغير إذ كان عمدة دينهم وعلما عليه والمفروض تلاوته في صلواتهم والواجب استعماله في أحكامهم