كان المشركون يسألون رسول الله A عن وقت الساعة استعجالا على سبيل الهزء واليهود يسألونه امتحانا ؛ لأن الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب فأمر رسول الله A بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به لم يطلع عليه ملكا ولا نبيا ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع تهديدا للمستعجلين وإسكاتا للمتحنين " قريبا " شيئا قريبا أو لأن الساعة في معنى اليوم أو في زمان قريب .
" إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون ولياي ولا نصيرا " السعير : النار المسعورة الشديدة الإبقاد .
" يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " وقرئ : تقلب على البناء للمفعول . وتقلب : بمعنى تتقلب . ونقلب أي : نقلب نحن . وتقلب على أن الفعل للسعير ومعنى تقليبها : تصريفها في الجهات كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت فترامى بها الغليان من جهة إلى جهة . أو تغييرها عن أحوالها وتحويلها عن هيئاتها . أو طرحها في النار مقلوبي منكوسين . وخصب الوجوه بالذكر لأن الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده . ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة وناصب الظروف " يقولون " أو محذوف وهو اذكر وإذا نصب بالمحذوف كان " يقولون " حالا .
" وقالوا ربنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا ءاتهم ضعفين م العذاب والعنهم لعنا كبيرا " وقرئ : سادتنا وساداتنا : وهم رؤوساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم . يقال : ضل السبيل وأضله إياه وزيادة الألف لإطلاق الصوت : جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع وأن ما بعده مستأنف . وقرئ : كثيرا تكثيرا لإعداد اللعائن . كبيرا ليدل على أشد اللعن وأعظمه " ضعفين " ضعفا لضلاله وضعفا لإضلاله : يعترفون ويستغيثون ويتمنون ولا ينفعهم شيء من ذلك .
" يا أيها الذين ءامنوا لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها " " لا تكونوا كالذين ءاذوا موسى " قيل : نزلت في شأن زيد وزينب وما سمع فيه من قالة بعض الناس . وقيل : في أذى موسى عليه السلام : هو حديث المومسة التي أرادها قارون على قذفه بنفسها وقيل : اتهامهم إياه بقتل عارون وكان مقد خرج معه إلى الجبل فمات هناك فحملته الملائكة ومروا به عليهم ميتا فأبصروه حتى عرفوا أنه غير مقتول . وقيل : أحياه الله فأخبرهم ببراءة موسى عليه السلام . وقيل : قرفوه بعيب في جسده من برص أو أدرة فأطلعهم الله على أنه برئ منه " وجيها " ذا جاه ومنزلة عنده فلذلك كان يميط عنه التهم ويدفع الأذى ويحافظ عليه لئلا يلحقه وصم ولا يوصف بنقيصه كما يفعل الملك بمن له عنده قربة ووجاهة . وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة : وكان عبد الله وجيها قال ابن خالويه : صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان فسمعته يقرؤها . وقراءة العامة أوجه ؛ لأنها مفصحة عن وجاهته عند الله كقوله تعالى : " عند ذي العرش مكين " التكوين : 20 وهذه ليست كذلك فإن قلت : قوله : " مما قالوا " معناه : من قولهم أو من مقولهم ؛ لأن ما إما مصدرية أو موصولة وأيهما كان فكيف تصح البراءة منه ؟ قلت : المراد بالقول أو المقول : مؤداه ومضمونة وهو الأمر المعيب ألا ترى أنهم سموا السبة بالقالة والقالة بمعنى القول ؟ .
" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها افنس إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما "