" فاطر السموات " مبتدئها ومبتدعها . وعن مجاهد عن ابن عباس Bهما : ما كنت أدري ما فاطر السموات والأرض حتى اختصم إلي أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها أي ابتدأتها . وقرئ : الذي فطر السموات والأرض وجعهل الملائكة . وقرئ : جاعل الملائكة بالرفع على المدح " رسلا بضم السين وسكونها " أولى أجنحة " أصحاب أجنحة وأولوا : اسم جمع لذوو كما أن أولاء اسم جمع لذا ونظيرهما في المتمكنة : المخاض والخلفة " مثنى وثلاث ورباع " صفات لأجنحة وإنما لم تنصرف لتكرر العدل فيها وذلك أنها عدلت عن ألفاظ الأعداد عن صيغ إلى صيغ أخر كما عدل عمر عن عامر وحذام عن حاذم عن حاذمة وعن تكرير إلى غير تكرير وأما الوصيفة فلا يفترق الحال فيما بين المعدولة والمعدول عنها . ألا تراك تقول : مررت بنسوة أربع وبرجال ثلاثة فلا يعرج عليها ؛ والمعنى : أن الملائكة خلقا أجنحتهم اثنان اثنان أي : لكل واحد منهم جناحان وخلقا أجنحتهم أربعة أربعة " يزيد في الخلق ما يشاء " أي : يزيد في خلق الأجنحة وفي غيره ما تقتضيه مشيئه وحكمته . والأصل الجناحان : لأنهما بمنزلة اليدين ثم الثالث والرابع زيادة على الأصل وذلك أقوى للطيران وأعوان عليه فإن قلت : قياس الشفع من الأجنمحة أن يكون في كل شق نصفه فما صورة الثلاثة ؟ قلت : لعل الثالث يكون في وسط الظهر بين الجناحين يمدهما بقوة . أو لعله لغير الطيران ؛ فقد مر بي بعض الكتب أن صنفا من الملائكة لهم ستة أجنحة فجناحن يلفون بهما أجسادهم وجناحان يطيرون بهما في الأمر من أمور الله وجناحان مرخيان على وجوههم حياء من الله . وعن رسول الله : أنه رأى جبريل عليه السلام ليلة المعراج وله ستمائة جناح . وروي : أنه سأل جبريل عليه السلام أن يتراءى له في صورته فقال : إنك لأن تطيق ذلك . قال : إني أحب أن تفعل فخرج رسول الله A في ليلة مقمرة فأتاه جبريل في صورته فغشي على النبي A ثم أفاق وجبريل عليه السلام مسنده وإحدى يديه على صدره والأخرى بين كتفيه فقال : سبحانه الله ! .
ما كنت أرى أن شيئا من الخلق هكذا فقال جبريل : فيكف لو رأيت إسرافيل : له اثنا عشر جناحا : جناح منها بالمشرق وجناح بالمغرب وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل الأحايين لعظمة الله حتى يعود مثل الوصع وهو العصفور الصغير . وروي : عن رسول الله A في قوله تعالى : " يزيد في الخلق ما يشاء " : هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن " وقيل : الحظ الحسن وعن قتادة : الملاحة في العينين والآية مطلقة تتنول كل زيادة في الخلق : من طول قامة واعتدال صورة وتمام في الأعضاء ؛ وقوة في البطش ؛ وحصافة في العقل وجزالة في الرأي وجراءة في القلب وسماحة في النفس وذلاقة في اللسان ولباقة في التكلم وحسن تأن في مزاولة الأمور ؛ وما أشبه ذلك مما لا يحيط يه الوصف .
" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم "