ومنه : الماشية للتفاؤل كما قيل لها : الفاشية . قال رسول الله A : " ضموا فواشيكم " ومعنى " واصبروا على ءالهتكم " : واصبروا على عبادتها والتمسك بها حتى لا تزالوا عنها وقرىء : " وانطلق الملأ منهم امشوا " بغير أن على إضمار القول . وعن ابن مسعود : " وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا " " في الملة الأخرة " في ملة عيسى التي هي آخر الملل لأن النصارى يدعونها وهم مثلثة غير موحدة . أو في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا . أو ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة على أن يجعل في الملة الآخرة حالا من هذا ولا تعلقه بما سمعنا كما في الوجهين . والمعنى : إنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله . ما " هذا إلا اختلق " أي : افتعال وكذب . " أءنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكرى بل لما يذوقوا العذاب أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أم لهم ملك السموت والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسبب جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب " أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤوسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا : " لولا نزل هذا القرءان على رجل من القريتين عظيم " الزخرف : 31 ، وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلي به صدورهم من الحسد على ما أوتي من شرف النبوة من بينهم " بل هم في شك " من القران يقولون في أنفسهم : إما وإما . وقولهم : " إن هذا إلا اختلق " كلام مخالف لاعتقادهم فيه يقولونه على سبيل الحسد " بل لما يذوقوا عذاب " بعد فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد حينئذ يعني : أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب مضطرين إلى تصديقه " أم عندهم خزائن رحمة ربك " يعني : ما هم بمالكي خزائن الرحمة حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا ويتخيروا للنبوة بعض صناديدهم ويترفعوا بها عن محمد E . وإنما الذي يملك الرحمة وخزائنها : العزيز القاهر على خلقه الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته وعدله كما قال : " أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا " الزخرف : 32 ، ثم رشح هذا المعنى فقال : " أم لهم ملك السموت والأرض " حتى يتكلموا في الأمور الربانية والتدابير الإلهية التي يختص بها رب العزة والكبرياء ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال : فإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة الرحمة وكانت عندهم الحكمة التي يميزون بها بين من هو حقيق بإيتاء النبوة دون من لا يحق له " فليرتقوا في الأسبب " فليصعدوا في المعارج والطرق التي يتوصل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويحبروا أمر العالم وملكوت الله وينزلوا الوحي إلى من يختارون ويستصوبون ثم خسأهم خساءة عن ذلك بقوله : " جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب " يريد : ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث لما به يهذون . وما مزيدة وفيها معنى الاستعظام كما في قول امرىء القيس : .
وحديث ما على قصره .
إلا أنه على سبيل الهزء و " هنالك " إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله : لست هنالك . " كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب لئيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب وما ينظر هؤلاء إلا صيحة وحدة ما لها من فواق " " ذو الأوتاد " أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده قال : .
والبيت لا يبتنى إلا على عمد ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد .
فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر كما قال الأسود : .
في ظل ملك ثابت الأوتاد