" لحكم ربك " وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم " ولا تكن كصاحب الحوت " يعني : يونس عليه السلام " إذ نادى " في بطن الحوت " وهو مكظوم " مملوء غيظا من كظم السقاء إذا ملأه والمعنى : لا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والمغاضبة فتبتلى ببلائه حسن تذكير الفعل لفصل الضمير في تداركه . وقرأ ابن عباس وابن مسعود : تداركته . وقرأ الحسن : تداركه أي تتداركه على حكاية الحال الماضية بمعنى : لولا أن كان يقال فيه تتداركه كما يقال : كان زيد سيقوم فمنعه فلان أي كان يقال فيه سيقوم . والمعنى : كان متوقعا منه القيام . ونعمة ربه : أن أنعم عليه بالتوفيق للتوبة وتاب عليه . وقد اعتمد في جواب لولا على الحال أعني قوله : " وهو مذموم " يعني أن حاله كانت على خلاف الذم حين نبذ بالعراء ولولا توبته لكانت حاله على الذم . روي أنها نزلت بأحد برسول الله A ما حل به فأراد أن يدعو على الذين انهزموا .
وقيل : حين أراد أن يدعو ثقيف . وقرئ : رحمة من ربه " فأجتباه ربه " فجمعه إليه وقربه بالتوبة عليه كمال قال : " ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى " طه : 122 " فجعله من الصالحين " أي من الأنبياء . وعن ابن عباس : رد الله إليه الوحي وشفعه في نفسه وقومه .
" وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصرهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين " إن مخففة من الثقيلة واللام علمها . وقرئ ليزلقونك بضم الياء وفتحها . وزلقه وأزلقة بمعنى : ويقال : زلق الرأس وأزلقه : حلقه : وقرئ ليزهقونك من زهقت نفسه وأزهقها يعني : أنهم من شدة تحديقهم ونظرهم إليك شزرا بعيون العداوة والبغضاء يكادون يزلون قدمك أو يهلكونك وقولهم : نظر إلي نظرا يكاد يصرعني ويكاد يأكلني أي : لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله . قال : .
يتقارضون إذا التقوا في موطن ... نظرا يزل بمواطئ الأقدام .
وقيل : كانت العين في بني أسد فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام فلا يمر به شيء فيقول فيه : لم أر كاليوم مثله إلا عانه فأريد بعض العيانين على أن يقول في رسول الله A مثل ذلك فقال : لم أر كاليوم رجلا فعصعه الله . وعن الحسن : دواء الإصابة بالعين أن تقرأ هذه الآية " لما سمعوا الذكر " أي القرآن لم يملكوا أنفسهم حسدا على ما أوتيت من النبوة " ويقولون إنه لمجنون " حيرة في أمره وتنفيرا عنه ؛ وإلا فقد علموا أنه أعقلهم . والمعنى : أنهم جننوه لأجل القرآن " وما هو إلا ذكر " وموعظة " للعالمين " فكيف يجنن من جاء بمثله .
عن رسول الله صلى اله عليه وسلم : من قرأ سورة القلم أعطاه الله ثواب الذين حسن الله أخلاقهم .
سورة الحاقة .
مكية وآياتها 52 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" الحاقة ما الحاقة وما أدرتك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية " " الحاقة " الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المحيء التي هي آتية لا ريب فيها .
أو التي فيها حواق الأمور من الحساب والثواب والعقاب . أو التي تحق فيها الأمور أي : تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي : لا أعرف حقيقته . جعل الفعل لها وهو لأهلها وارتفاعها على الابتداء وخبرها " ما الحاقة " والأصل : الحاقة ما هي ؟