" وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا " " عبد الله " النبي A . فإن قلت : هلا قيل : رسول الله أو النبي ؟ قلت : لأن تقديره : وأوحى إلي أنه لما قام عبد الله فلما كان واقعا في كلام رسول الله A عن نفسه : جيء به على ما يقتضيه التواضع والتذلل أو لأن المعنى أن عبادة عبد الله ليست بأمر مستبعد عن العقل ولا مستنكر حتى يكونوا عليه لبدا . ومعنى قام يدعوه قالم يعبده يريد : قيامه لصلاة الفجر بنخلة حين أتاه الجن فاستمعوا لقراءته صلى الله عليه ولسلم " كادوا يكونون عليه لبدا " أي يزدحمون عليه متراكمين تعجبا مما رأوا ممن عبادته واقتداء أصحابه به قائما وراكعا وساجدا وإعجابا بما تلا من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله وسمعوا بما لم يسمعوا بنظيره . وقيل معناه : لما قام رسولا يعبد الله وحده مخالفا للمشركين في عبادتهم الآلهة من دونه : كاد المشركون لتظاهرهم عليه وتعاونهم على عداوته يزدحمون عليه متراكمين " لبدا " جمع لبدة وهو ما تلبد بعضه على بعض ومنه لبدة الأسد وقرئ لبدا واللبدة في معنى اللبدة ؛ ولبدا : جمع لابد كساجد وسجد ولبدا بضمتين : جمع لبود كصبور وصبر وعن قتادة : تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من ناوأه . ومن قرأ وإنه بالكسر : جعله من كلام الجن : قالوه لقومهم حين رجعوا إليهم حاكين ما رأوا من صلاته وازدحام أصحابه عليه في ائتمامهم به .
" قل إنما أدعوا ربى ولا أشرك به أحدا قل إنى لا أملك لكم ضرا ولا رشدا قل إنى لن يجيرنى من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أصعف ناصرا وأقل عددا قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا عالم الغيب فلا يظهر على غبيه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا " قال للمتظاهرين عليه " إنما أدعوا ربي " يريد : ما أتيتكم بأمر منكر وإنما أعبد ربي وحده " ولا أشرك به أحدا " وليس ذلك مما يوجب إطباقكم على مقتى وعداوتي . أو قال للجن عند ازدحامهم متعجبين : ليس ما ترون من عبادتي الله ورفضي الإشراك به بأمر يتعجب منه إنما يتعجب ممن يدعو غير الله ويجعل له شريكا . أو قال الجن لقومهم ذلك حطاية عن رسول الله A " ولا رشدا " ولا نفعا أو أراد بالضر الغي ويدل عليه قراءة أبي غيا ولا رشدا والمعنى لا أسنطيع أن أضركم وأن أنفعكم إنما الضار والنافع الله . أو لا أستطيع أ أقسركم علىالغي والرشد وإنما القادر على ذلك الله D : و " إلا بلاغا " استثناء منه . أي لا أملك إلا بلاغا من الله و " قل إني لن يجيرني " جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفي الاستطاعة عن نفسه وبيان عجزه على معنى أن الله إن أراد به سوءا من مرض أو موت أو غيرهما : لم يصح أن يجيره منه أحد أو يجد من دونه ملاذا يأوي إليه والملتجأ وأصله المدخل من اللحد . وقيل : محيصا ومعدلا وقرئ قال لا أملك أي قال عبد الله للمشركين أو للجن . ويجوز أن يكون من حكاية الجن لقومهم . وقيل : بلاغا بدل من " ملتحدا " أي : لن أجد من دونه منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به . وقيل : " إلا " هي أن لا ومعناه : أن لا أبلغ بلاغا كقولك إن لا قياما فقعودا " ورسالاته " عطف على بلاغا كأنه قيل : لا أملك لكم إلا التبليغ والرسالات . والمعنى : إلا أن أبلغ عن الله فأقول : قال الله كذا ناسبا لقوله إليه وأن أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان . فإن قلت : ألا يقال : بلغ عنه ومنه قوله E