بلغوا عني بلغوا عني ؟ قلت : من ليست بصلة للتبليغ إنما هي بمنزلة من في قوله : " براءة من الله " التوبة : 1 بمعنى بلاغا كائنا من الله . وقرئ فأن له نار جهنم على : فجزاؤه أن له نار جهنم كقوله : " فأن لله خمسه " الأنفال : 41 أي : فحكمه أن لله خمسه . وقال : " خالدين " حملا على معنى الجمع في من . فإن قلت : بم تعلق حتى وجعل ما بعده غاية له ؟ قلت : بقوله : " يكونون عليه لبدا " الجن : 19 على أنهم يتظاهرون عليه بالعداوة ويستضعفون أنصاره ويتقلون عددهم " حتى إذا رأوا ما يوعدون " من يوم بدر وإظهار الله له عليهم . أو من يوم القيامة " فسيعلمون " حينئذ أنهم " أضعف ناصرا وأقل عددا " ويجوز أن يتعلق بمحذوف دلت عليه الحال : من استضعاف الكفار له واستقلالهم لعدده كأنه قال : لا يزالون على ما هم عليه " حتى إذا رأوا ما يوعدون " قال المشركون : متى يكون هذا الموعود ؟ إنكارا له فقيل " قل " إنه كائن لا ريب فيه فلا تنكروه ؛ فإن الله قد وعد ذلك وهو لا يخلف الميعاد . وأما وقته فما أدري متى يكون ؛ لأن اله لم يبينه لما رأى في إخفاء وقته من المصلحة . فإن قلت : ما معنى قوله : " أم يجعل له ربى أمدا " والأمد يكون قريبا وبعيدا ألا ترى إلى قوله : " تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا " آل عمران : 30 ؟ قلت : كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يستقرب الموعد فكأنه قال : ما أدري أهو حال متوقع في كل ساعة أم مؤجل ضربت له غاية أي : هو " عالم الغيب فلا يظهر " فلا يطلع و " من رسول " نبين لمن ارتضى يعني : أنه لا يطلع على الغيب إلا المرتضى الذي هو مصطفى للنبوة خاصة لا كل مرتضى .
وفي هذا إبطال للكرامات ؛ لأن الذين تضاف إليهم وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل . وقد خص الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب وإبطال الكهانة والتنجيم لأن أصحابهما أبعد شيء من الاتضاء وأدخله في السخط " فإنه يسلك من بين يديه " يدي من ارتضى للرسالة " ومن خلفه رصدا " حفظة من الملائكة يحفظونه من الشياطين يطردونهم عنه ويعصمونه من وساوسهم وتخاليطهم حتى يبلغ ما أوحى به إليه . وعن الضحاك : ما بعث نبي إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين أن يتشبهوا بصورة الملك " ليعلم " الله " أن قد أبلغوا رسالات ربهم " يعني الأنبياء : وحد أولا على اللفظ في قوله : من بين يديه ومن خلفه ثم جمع على المعنى كقوله : " فإن له نار جهنم خالدين " الجن : 23 ، والمعنى : ليبلغوا رسالات ربهم كما هي محروسة من الزيادة والنقصان ؛ وذكر العلم كذكره في قوله تعالى " حتى نعلم المجاهدين " محمد : 31 ، وقرئ : ليعلم على البناء للمفعول " وأحاط بما لديهم " بما عند الرسل من الحكم والشرائع لا يفوته منها شيء ولا ينسى منها حرفا فهو مهيمن عليها حافظ لها " وأحصى كل شيء عددا " من القطر والرمل وورق الأشجار وزبد البحار فكيف لا يحيط بما عند الرسل من وحيه وكلامه وعددا : حال أي : وضبط كل شيء معدودا محصورا .
أو مصدر في معنى إحصاء .
عن رسول الله A : من قرأ سورة الجن كان له بعدد كل جني صدق محمدا A وكذب به عتق رقبة .
سورة المزمل .
مكية وآياتها تسعة عشر وقيل : عشرون .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" يا أيها المزمل قم اليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرءان ترتيلا " " المزمل " المتزمل وهو الذي تزمل في ثيابه : أي تلفف بها بإدغام التاء في الزاي ونحوه : المدثر في المتدثر وقرئ المتزمل على الأصل والمزمل بتخفيف الزاي وفتح الميم وكسرها . على أنه اسم فاعل أو مفعول من زمله وهو الذي زمله غيره أو زمل نفسه ؛ وكان رسول الله A نائما بالليل متزملا في قطيفة فنبه ونودي بما يهجن إليه الحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفته واستعداده للاستثقال في النوم كما يفعل من لا يهمه أمر ولا يعنيه شأن . أى ترى إلى قول ذي الرمة : .
وكائن تخطت ناقتي من مفازة ... ومن نائم عن ليلها متزمل .
يريد : الكسلان المتقاعس الذي لا ينهض في معاضم الأمور وكفايات الخطوب ولا يحمل نفسه المشاق والمتاعب ونحوه : .
فأتت به حوش الفؤاد مبطنا سهدا إذا ما نام ليل الهوجل .
وفي أمثالهم :