الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا " إنه فكر " تعليل للوعيد كأن الله عاجله بالفقر بعد الغنى والذل بعد العز في الدنيا بعناده ويعاقبه في الآخرة بأشد العذاب وأفظعه لبلوغه بالعناد غايته وأقصاه في تفكيره وتسميته القرآن سحرا . ويجوز أن تكون كلمة الردع متبوعة بقوله : " سأرهقه صعودا " ردا لزعمه أن الجنة لم تخلق إلا له ؛ وإخبارا بانه من أشد أهل النار عذابا ويعلل ذلك بعناده ويكون قوله : " إنه فكر " بدلا من قوله : " إنه كان لأياتنا عنيدا " بيانا لكنه عناده . ومعناه " فكر " ما يقول في القرآن " وقدر " في نفسه ما يقول وهيأه " فقتل كيف قدر " تعجيب من تقديره وإصابته فيه المحز . ورميه الغرض الذي كان تنتحيه قريش . أو ثناء عليه على طريقة الاستهزاء به أو هي حكاية لما كرروه من قولهم . " قتل كيف قدر " تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره واستعطامهم لقوله . ومعنى قول القائل : قتله الله ما أشجعه . وأخزاه الله ما أشعره : الإشعار بأنه قد بلغ لمبلغ الذي هو حقيق بأن يحسد ويدعو عليه حاسده بذلك . روي : أن الوليد قال لني مخزوم : والله لقد سمعت من محمد آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو وما يعلى ؛ فقالت قريش : صبأ والله الوليد والله لتصبأن قريش كلهم ؛ فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه فقعد إليه حزينا وكلمه بما أحماه فقام فأتاهم فقال : تزعمون أن محمدا مجنون فهل رأيتموه يخنق ؛ وتقولون إنه كاهن فهل رأيتموه قط يتكهن ؛ وتزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط ؛ وتزعمون أن كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب فقالوا في كل ذلك : اللهم لا ثم قالوا : فما هو ؟ ففكر فقال : ما هو إلا ساحر . أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه وما الذي يقوله إلا سحر يأثره عن مسيلمة وعن أهل بابل فارتج النادي فرحا وفرقوا معجبين بقوله متعجبين منه " ثم نظر " في وجوه الناس ثم قطب وجهه ثم زحف مدبرا وتشاوس مستكبرا لما خطرت بباله الكلمة الشنعاء وهم بأن يرمي بها وصف أشكاله التي تشكل بها حتى استبط استهزاء به . وقيل : قدر ما يقوله ثم نظرفيه ثم عبس لما ضاقت عليه الحيل ولم يدر ما يقول . وقيل : قطب في وجه رسول الله A " ثم أدبر " عن الحق " واستكبر " عنه فقال ما قال . " وثم نظر " عطف على " فكر وقدر " والدعاء : اعتراض بينهما . فإن قلت : ما معنى " ثم " الداخلة في تكرير الدعاء ؟ قلت ؛ الدلالة على أن الكزة الثانية أبلغ من الأولى . ونحوه قوله : .
ألا يا اسلمى ثم اسلمى ثمت اسلمى .
فإن قلت : ما معنى المتوسطة بين الأفعال التي بعدها ؟ قلت : الدلالة على أنه قد تأنى في التأمل وتمهل وكأن بين الأفعال المتناسقة تراخ وتباعد . فغن قلت : فلم قيل " فقال إن هذا " بالفاء بعد عطف ما قبله بثم ؟ قلتك لأن الكلمة لما خطرت بباله بعد التطلب لم يتمالك أن نطق بها من غير تلبث . فإن قلت : فلم لم يوسط حرف العطفبين الجملتين ؟ قلت : لأن الأخرى جرت من الأولى مجرى الوكيد من المؤكد .
" سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين أمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهاذا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر " " سأصليه سقر " بدل من " سأرهقه صعودا " المدثر : 17 ، " لا تبقي " شيئا يلقى فيها إلا أهلكته ؛ وإذا هلك لم تذره هالكا حتى يعاد . أو لا تبقي على شيء ولا تدعه من الهلاك بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة " لواحة " من لوح الهجير . قال : .
تقول ما لا حك يا مسافر ... يا ابنة عمي لا حنى الهواجر