وتقول العرب : أرسلت يريدون : جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء " التراقى " العظام المكتنفة لثغره النحر عن يمين وشمال . ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي ودنا زهوقها : وقال حاضروأ صاحبها - وهو المحتضر - بعضهم لبعض " من راق " أيكم يرقيه مما به ؟ وقيل : هو كلام ملائكة الموت : أيكم يرقى بروحه ؟ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟ " وظن " المحتضر " أنه الفراق " أن هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة " والتفت " ساقه بساقه والتوت عليها عند علز الموت . وعن قتادة : ماتت رجلاه فلا تحملانه وقد كان عليهما جوالا . وقيل : شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أن الساق مثل في الشدة . وعن سعيد بن المسيب : هما ساقاه حين تلفان في أكفانه " المساق " أي يساق إلى الله وإلى حكمه .
" فلا صدق ولا صلى ولاكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى " " فلا صدق ولا صلى " يعني الإنسان في قوله : " أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه " القيامة : 3 ألا ترى إلى قوله : " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " القيامة : 36 ، وهو معطوف على " يسأل أيان يوم القيامة " القيامة : 6 أي : لا يؤمن بالبعث فلا صدق بالرسول والقرآن . ولا صلى ويجوز أن يراد : فلا صدق ماله بمعنى : فلا زكاة . وقيل : نزلت في أبي جهل " يمتطى " يتبخر . وأصله يتمطط أي : يتمدد لأن المتبختر يمد خطاه . وقيل : هو من المطا وهو الظهر لأنه يلويه . وفي الحديث : إذا مشت أمتى المطيطاء وخدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم يعني : كذب برسول الله A وتولى عنه وأعرض ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخارا بذلك " أولى لك " بمعنى ويل لك وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره .
" أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من منى يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحى الموتى " " فخلق " فقدر " فسوى " فعدل " منه " من الإنسان " الزوجين " الصنفين " أليس ذلك " الذي أنشأ هذا الإنشاء " بقادر " على الإعادة . وروي : أن رسول الله A كان إذا قرأها قال سبحانك بلى .
عن رسول الله A : من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة .
سورة الإنسان .
مدينة وآياتها إحدى وثلاثون .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " " هل " بمعنى قد في الاستفهام خاصة والأصل : أهل بدليل قوله : .
أهل رأونا بسفع القاع ذي الأكم .
فالمعنى : أقد أتى ؟ على التقرير والتقريب جميعا أي : أتى على الإنسان قبل زمان قريب " حين من الذهر لم يكن " فيه " شيئا مذكورا " أي كان شيئا منسيا غير مذكور نطفة في الأصلاب والمراد بالإنسان : جنس بني آدم بدليل قوله : " إنا خلقنا الإنسان من نطفة " الإنسان : 2 ؟ " حين من الدهر " طائفة من الزمن الطويل الممتد فإن قلت : ما محل " لم يكن شيئا مذكورا " ؟ قلت : محله النصب على الحال من الإنسان كأنه قيل : هل أتى عليه حين من الدهر غير مذكور . أو الرفع على الوصف لحين كقوله : " يوما لا يجزي والد عن ولده " لقمان : 33 ، وعن بعضهم : أنها تليت عنده فقال : ليتها تمت أراد : ليت تلك الحالة تمت وهي كونه شيئا غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف .
" إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا " " نطفة أمشاج " كبرمة أعشار وبرد أكياش : وهي ألفاظ مفردة غير جموع ولذلك وقعت صفات للأفراد . ويقال أيضا : نطفة مسج قال الشماخ : .
طوت أحشاء مرتجة لوقت ... على مشج سلالته مهين