وعن أبي بكر الصديق Bه أنه سئل عن الأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به . وعن عمر Bه : أنه قرأ هذه الآية فقال : كل هذا قد عرفنا فما الأب ؟ ثم رفض عصا كانت بيده وقال : هذا لعمر اله التكلف وما عليك يا ابن أم عمر أن لا تدري ما الأب ثم قال : أتبعوا ما تبين لكم من هذا الكتاب وما لا فدعوه فإن قلت : فهذا يشبه النهي عن تتبع معاني القرآن والبحث عن مشكلاته . قلت : لم يذهب إلى ذلك ولكن القوم كانت أكبر همتهم عاكفة على العمل وكان التشاغل بشيء من العلم لا يعمل به تكلفا عندهم ؛ فأراد أن الآية مسوقة في الامتنان على الإنسان بمطعمه واستدعاء شكره وقد علم من فحوى الآية أن الأب بعض ما أنبته الله للإنسان متاعا له أو لإنعامه ؛ فعليك بما هو أهم من النهوض بالشكرلله - على ما تبين لك ولم يشكل - مما عدد من نعمه ولا تتشاغل عنه بطلب معنى الأب ومعرفة النبات الخاص الذي هو اسم له واكتف بالمعرفة الجميلة إلى أن يتبين لك في غير هذا الوقت ثم وصى الناس بأن يجروا على هذا السنن فيما أشبه ذلك من مشكلات القرآن .
" فإذا جاءنت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل أمرىء منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غيرة ترهقها قترة أولآئك هم الكفرة الفجرة " يقال : صخ لحديثه مثل : أصاخ له فوصفت النفخة بالصاخة مجازا ؛ لأن الناس يصخون لها " يفر " منهم لاشغاله بما هو مدفوع إليه ولعلمه أنهم لا يغنون عنه شيئا ؛ وبدأ بالأخ ثم بالأبوين أنهما أقرب منه ثم بالصاحبة والبنين لأنهم أقرب وأحي ؛ كأنه قال : يفر من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته وبنيه . وقيل : يفر منهم حذرا من مطالبتهم بالتبعات . يقول الأخ : لم تواسني بمالك . والأبوان : قصرت في برنا . والصاحبة : أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت . والبنون : لم تعلمنا ولم ترشدنا وقيل : أول من يفر من أخيه : هابيل ؛ ومن أبويه : إبراهيم ومن صاحبته : نوح ولوط ؛ ومن ابنه نوح " يغنيه " يكفيه في الاهتمام به . وقرئ يعينيه أي يهمه " مسفرة " مضيئة متهللة من أسفر الصبح : إذا أضاء وعن ابن عابس Bهما : من قيام الليل ؛ لما روي في الحديث : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وعن الضحاك : من آثار الوضوء . وقيل : من طول ما اغبرت في سبيل الله " غيرة " غبار يعلوها " فترة " سواد كالدخان ؛ ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة والسواد في الوجه كما ترى من وجوه الزنوج إذا اغبرت ؛ وكأن الله D يجمع إلى سواد وجوههم الغبرة كما جمعوا الفجور إلى الكفر .
عن رسول الله A : من قرأ سورة عبس وتولى جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر .
سورة التكوير .
مكية وآياتها29 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت وإذا البحار سجرت وإذا النفوس زوجت وإذا المؤدةسئلت بأي ذنب قتلت وإذا الصحف نشرت وإذا السماء كشطت وإذا الجحيم سعرت وإذا الجنة أزلفت علمت نفس ما أحضرت " في التكوير وجهان : ان يكون من كورت العمامة إذا لففتها أي : يلف ضوءها لفا فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق وهو عبارة عن إزالتها والذهاببها ؛ لأنها ما دامت باقية كان ضياؤها منبسطا غير ملفوف . أو يكون لفها عبارة عن رفعها وسترها ؛ لأن الثوب إذا أريد رفعه لف وطوي ؛ ونحوه قوله : " يوم نطوي السماء " الأنبياء : 104 أن يكون من طعنه فجوره وكورة : إذا ألقاه أي : تلقى وتطرح عن فلكها كما وصفت النجوم بالانكدار فإن قلت : ارتفاع الشمس على الابتداء أو الفاعلية ؟ قلت : بل على الفاعلية رافعها فعل مضمر يفسره كورت ؛ لأن إذا يطلب الفعل لما فيه من معنى الشرط " انكدرت " انقضت قال : أبصر خربان فضاء فانكدر