" ولقد رءاه " ولقد رأى رسول الله A جبريل " بالأفق المبين " بمطلع الشمس الأعلى " وما هو " وما محمد على ما يخبر به من الغيب من رؤية جبريل والوحي إليه وغير ذلك " بضنين " بمتهم من الظنة وهي التهمة وقرئ بضنين من الضن وهو البخل أي : لا يبخل بالوحي فيزوي بعضه غير مبلغه ؛ أو يسأل تعليمه فلا يعلمه ؛ وهو في مصحف عبد الله بالظاء وفي مصحف أبي بالضاد وكان رسول الله A يقرأ بهما .
وإتقان الفصل بين الضاد والظاء : واجب . ومعرفة مخرجيهما مما لا بد منه للقارئ فإن أكثر العجم لا يفرقون بين الحرفين وإن فرقوا ففرقا غير صواب وبينهما بون بعيد ؛ فإن مخرج الضاد من أصل حافة اللسان وما يليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره وكان عمر بن الخطاب Bه أضبط يعمل بكلتا يديه وكان يخرج الضاد من جانبي لسانه وهي أحد الأحرف الشجرية أخت الجيم والشين وأما الظاء فمخرجها من طرف اللسان وأصوةل الثنايا العليا وهي أحد الأحرف الذولقية أخت الذال والثاء . ولو استوى الحرفان لما ثبتت في هذه الكلمة قراءتان اثنتان واختلاف بين جبلين من جبال العلم والقراءة ولما اختلف المعنى والاشتقاق والتركيب فإن قلت : فإن وضع المصلي أحد الحرفين مكان صاحبه . قلت : هو كواضع الذال مكان الجيم والثاء مكان الشين لأن التفاوت بني الضاد والظاء كالتفاوت بين أخواتهما " وما هو " وما القرآن " يقول شيطان رجيم " أي بقول بعض المسترقة للسمع وبوحيهم إلى أوليائهم من الكهنة .
" فأين تذهبون إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين " " فأين تذهبون " استضلال لهم كما ياقل لتارك الجادة اعتسافا أو ذهابا في بنيات الطريق : أين تذهب ؛ مثلت حالهم بحاله في تركهم الحق وعدولهم عنه إلى الباطل " لمن شاء منكم " بدل من العالمين وإنما أبدلوا منهم لأن الذين شاؤا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفون بالذكر فكأنه لم يوعظ به غيرهم وإن كانوا موعظين جميعا " وما تشاءون " الاستقامة يامن يشاؤها إلا بتوفيق الله ولطفه . أو : وما تشاؤنها أنتم يا من لا يشاؤها إلا بقسر الله وإلجائه .
عن رسول الله A : من قرأ سورة إذا الشمس كورت أعاذه الله أن يفضحه حين تنشر صحيفته .
سورة الانفطار .
مكية وآيانها19 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت " " انفطرت " انشقت " فجرت " فتح بعضها إلى بعض فاختلط العذب بالمالحوزال البرزخ الذي بينهما وصارت البحار بحرا واحدا وروي أن الأرض تنشف الماء بعدامتلاء البحار فتصير مستوية وهو معنى التسجير عند الحسن وقرئ فجرت بالتخفيف . وقرأ مجاهد : فجرت على النباء للفاعل والتخفيف . بمعنى : بغت لزوال الرزخ نظرا إلى قوله تعالى : " لا يبغيان " الرحمن : 20 لأن البغي والفجور أخوان . بعثر وبحثر بمعنى وهما مركبان من البعث والبحث مع راء مضمومة إليهما . والمعنى : بحثت وأخرج موتاها . وقيل : لبراءة المبعثرة لأنها بعثرت أسرار المنافقين .
" ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك " فإن قلت : ما معنى قوله : " ما غرك بربك الكريم " وكيف طابق الوصف بالكرم إنكار الاغترار به وإنما يغتر بالكريم كما يروي عن علي Bه أنه صاح بغلام له كرات فلم يلبه فنظر فإذا هو بالباب فقال له : ما لك لم تجبني ؟ قال : لثقتي بحلمك وأمني من عقوبتك فاستحسن جوابه وأعتقه وقالوا : من كرم الرجل سوء أدب غلمانه . قلت معناه أن حق الإنسان أن لا يغتر بتكرم الله عليه حيث خلقه حيا لينفعه وبتفضله عليه بذلك حتى يطمع بعدها مكنه وكلفه فعصى وكفر النعمة المتفضل بها أن يتفضل عليه بالثواب وطرح العقاب غترارا بالتفضل الول فإنه منكر خارج من حد الحكمة ولهذا :