قال رسول الله A لما تلاها . غره جهله وقال عمر Bه : غره حمقه وجهله . وقال الحسن : غرة والله شيطانه الخبيث أي : زين له المعاصي وقال له : أفعل ما شئت فربك الكريم الذي تفضل عليك بما تفضل به أولا وهو متفضل عليك آخرا حتى ورطه وقيل للفضيل ابن عياض : إن أقامك الله يوم القيامة وقال لك : " ما غرك بربك الكريم " ماذا تقول ؟ قال أقول : غرتني ستورك المرخاة . وهذا على سبيل الاعتراف بالخطأ في الاغترار بالستر وليس باعتذار كما يظنه الطماع ويطن به قصاصالحشوية ويروون عن أئمتهم : إنما قال " بربك الكريم " دون سائر صفاته ليلقن عبده الجواب حتى يقول : غرني كرم الكريم . وقرأ سعيد بن جبير : ما أغرك إما على التعجب وإما على الاستفهام ؛ من قولك : غر الرجل فو غار : إذا غفل من قولك : بيتهم العدو وهم غارون . وأغره غيره : جعله غارا " فسواك " فجعلك سويا سالم الأعضاء " فعدلك " فصيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت فيه فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا إحدى العينين أوسع ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود ولا بعض الشعر فاحما وبعضه أشقر . أو جعلك معتدل الخلق تمشي قائما لا كالبهائم . وقرئ فعدلك بالتخفيف وفيه وجهان أحدهما : أن يكون بمعنى المشدد أي : عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت والثاني " فعدلك " فصرفك . يقال : عدله عن الطريق يعني : فعدلك عن خلقة غيرك وخلقك خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق . أو فعدلك إلى بعض الأشكال والهيآت . " نا " في " ما شاء " مزيدة أي : ركبك في أي صورة اقتضتها مشيئته وحكمته من الصور المختلفة في الحسن والقبح والطول والقصر والذكورة والأنوثة والشبه ببعض الأقارب وخلاف الشبه فإن قلت : هلا عطفت هذه الجملة كما عطف ما قبلها ؟ قلت : لأنها بيان لعدلك . فإن قلت : بم يتعلق الجار ؟ قلت : يجوز أن يتعلق بركبك . على معنى : وضعك في بعض الصور وكنك فيه وبمحذوف أي ركبك حاصلا في بعض الصور ؛ ومحله النصب على الحال إن علق بمحذوف ويجوز أن يتعلق بعدلك ويكون في أي معنى التعجب أي فعدلك في صورة عجيبة ثم قال : ما شاء ركبك . أي ركبك ما شاء من التراكيب يعني تركيبا حسنا " كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون " " كلا " ارتدعوا عن الاغترار بكرم الله والتسلق به . وهو موجب الشكر والطاعة إلى عكسهما الذي هو الكفر والمعصية . ثم قال : " بل تكذبون بالدين " أصلا وهو الجزاء . أو دين الإسلام . فلا تصدقون ثوابا ولا عقابا وهو شر من الطمع المنكر " وإن عليكم لحافظين " تحقيق لما يكذبون به من الجزاء يعني أنكم تكذبون بالجزاء والكاتبون يكتبون عليكم أعمالكم لتجاوزوا بها . وفي تعظيم الكتبة بالثناء عليهم : تعظيم لأمر الجزاء وأنه عند الله من جلائل الأمور ؛ ولولا ذلك لما وكل بضبط ما يحاسب عليه ويجازي به الملائكة الكرام الحفظة الكتبة . وفيه إنذار وتهويل وتشوير للعصاة ولطف للمؤمنين وعن الفضيل أن كان إذا قرأها قال : ما أشدها من آية على الغافلين .
" إن الأبرار لفى نعيم وإن الفجار لفى جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنهابغآئبين " " وما هم عنها بغائبين " كقوله : " وما هم بخارجين منها " المائدة : 37 ، ويجوز أن يراد : يصلون النار يوم الدين وما يغيبون عنها قبل ذلك يعني : في قبورهم وقيل : أخبر الله في هذه السورة أن لابن أدم ثلاث حالات : حال الحياة التي يحفظ فيها عمله وحال الآخرة التي يجازى فيها وحال البرزخ وهو قوله : " وما هم عنها بغائبين " .
" وما أراك ما يوم الذين ثم أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله " يعني أن أمر يوم الدين بحيث لا تدرك دراية دار كنهة في الهلول والشدة وكيفما تصورته فهو فوق ذلك وعلى أضعافه والتكرير لزيادة التهويل ثم أجمل القول في وصفه فقال " يوم لا تملك نفس لنفس شيئا " أي لا تستطيع دفعا عنها ولا نفعا لها بوجه ولا أمر إلا لله وحده . من رفع فعلى البدل من يوم الدين أو على : هو يوم لا تملك . ومن نصب فبإضمار يدانون ؛ لأن الدين يدل عليه . أو بإضمار اذكر . ويجوز أن يفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو في محل الرفع .
عن رسول الله A : من قرأ إذا السماء انفطرت كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة وبعدد كل قبر حسنة