" ونيسرك لليسرى " معطوف على " ستقرئك " وقوله : " إنه يعلم الجهر وما يخفى " اعتراض ومعناه : ونوفقك للطريقة التي هي أيسر وأسهل يعني : حفظ الوحي . وقيل للشريعة السمحة التي هي أيسر الشرائع وأسهلها مأخذا . وقيل : نوفقك لعمل الجنة . فإن قلت : كان الرسول A مأمورا بالذكرى نفعت أو لم تنفع فما معنى استراط النفع ؟ قلت : هو على وجهين احدهما : أن رسول الله A قد استفرغ مجهوده في تذكيرهم وما كانوا يزيدون على زيادة الذكرى إلا عتوا وطغيانا وكان النبي صلى اله عليه وسلم يتلظى حسة وتلهفا ويظداد جدا في تذكيرهم وحرصا عليه فقيل له : " وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " ق : 45 ، " فاصفح عنهم وقل سلام " الزخرف : 89 ، " فذكر إن نفعت الذكرى " وذلك بعد إلزام الحجة بتكرير التذكير . والثاني : أن يكون ظاهره شرطا ومعناه ذما للمذكرين وإخبارا عن حالهم واستبعادا لتأثير الذكرى فيهم وتسجيلا عليهم بالطبع على قوبهم كما تقول للواعظ : عظ المكاسين إن سمعوا منك . قاصدا بهذا الشرط استبعاد ذلك وأنه لن يكون " سيذكر " فيقبل التذكرة وينتفع بها " من يخشى " الله وسء العاقبة فينظر ويفكر حتى يقوده النظر إلى اتباع الحق : فأما هؤلاء فغير خاشين ولا ناظيرن فلا تأمل أن يقبلوا منك " ويتجنبها " ويتجنب الذكرى ويتحاماها " الأشقى " الكافر ؛ لأنه أشقى من الفاسق . أو الذي هو أشقى الكفرة لتوغله في عداوة رسول الله A . وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة " النار الكبرى " السفلى من أطباق النار قيل " الكبرى " نار جهنم . والصغرى نار الدنيا وقيل " ثم " لأن الترجح بين الحياة والموت أفظع من الصلي فهو متراخ عنه في مراتب الشدة والمعنى : لا يموت فيتسريح ولا يحيى حياة تنفعه .
" قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحيواة الدنيا والآخرة خير وأبقى " " تزكى " تطهر من الشرك والمعاصي . أو تطهر للصلاة . أو تكثر من القوى من الزكاة وهو النماء . أو تفعل من الزكاة كتصدق من الصدقة " فصلى " أي الصلوات الخمس نحو قوله : " وأقام الصلاة وآتى الزكاة " البقرة : 177 ، وعن ابن مسعود : رحم الله امرأة تصدق وصلى . وعن علي Bه أنه التصدق بصدقة الفطر وقال : لاأبالي أن لا أجد في كتابي غيرها لقوله قد أفلح من تزكى أي أعطى زكاة الفطر فتوجه إلى المصلى فصلى صلاة العيد وذكر اسم ربه فكبر تكبيرة الإفتتاح وبه يحتج على وجوب تكبيرة الإفتتاح وعلى أنها ليست من الصلاة لأن الصلاة معطوفة عليها وعلى أن الإفتتاح جائز بكل اسم من أسمائه D . وعن ابن العباس Bه : ذكر معاده وموقفه بين يدي ربه فصلى له . وعن الضحاك : وذكر اسم ربه في طريق الصملى فصلى صلاة العيد " بل تؤثرون الحياة الدنيا " فلا تفعلون ما تفلحون به . وقرىء : يؤثرون على الغيبة . ويعضد الأولى قراءة ابن مسعود : بل أنتم تؤثرون " خير وأبقى " أفضل في نفسها وأنعم وأدوم . وعن عمر Bه : ما الدنيا في الآخرة إلا كنفجة أرنب .
" إن هذا لفى الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى " " وهذا " إشارة إلىقوله : " قد أفلح " إلى " أبقى " يعني أن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف . وقيل : إلى ما في السورة كلها . وروي : عن أبي ذر Bه " أنه سأل رسول الله صلى عليه وسلم : كم أنزل الله من كتابظ فقال : مائة وأربعة كتب منها على آدم : عشر صحف وعلى شيث : خمسون صحيفة وعلى أخنوع وهو إدريس : ثلاثون صحيفة وعلى إبراهيم : عشر صحائف والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقيل : إن في صحف إبراهيم ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للساته عارفا بزمانه مقبلا على شأنه . عن رسول الله A : من قرأسورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أتزله الله يعالى على إبراهيم وموسى ومحمد وكان إذا قرأها قال : سبحان ربي الأعلى . وكان علي وابن عباس يقولان ذلك .
وكان يحبها وقال : أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل .
سورة الغاشية .
مكية وآياتها26 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" هل أتتك حديث الغاشية "