كنت جالسا في الحجر فجاء رجل فسألني عن " والعاديات ضبحا " ففسرتها بالخيل فذهب إلى علي وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت : فقال : ادعه لي فلما وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لاعلم لكك به والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان : فرس للزبير وفرس للمقداد " العاديات ضبحا " الإبل من عرفة إلى المزدلفة ومن المزلفة إى منى ؛ فإن صحت الرواية فقد استعير الضج للإبل كما استعير المشافر والحافر للإنسان والشفتان للمهر والثغر للثورة وما أشبه ذلك . وقيل : الضبح لا يكون إلا للفرس والكلب والثعلب .
وقيل : الضبح بمعنى الضبع يقال : ضبحت الإبل وضبعت : إذا مدت أضباعها في السير وليس بثبت . وجمع : هو المزدلفة . فإن قلت : علام عطف فأثرن ؟ قلت : على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه ؛ لأن المعنى : واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن . الكنود : الكفور . وكند النعمة كنودا . ومنه سمي كندة لأنه كند أباه ففارقه . وعن الكلبي : الكنود بلسان كندة : العاصي وبلسان بني مالك : البخيل وبلسان مضر وربيعة : الكفور يعني : أنه لنعمة ربه خصوصا لشديد الكفران ؛ لأن تفريطه في شكر نعمة غير الله تفريط قريب لمقاربة النعمة لأن أجل ما أنعم به على الإنسان من مثله نعمة أبويه ثم إن عظماها في جنب أدنى نعمة الله قليلة ضئيلة وإنه وإن الإنسان على ذلك على كنوده لشهيد يشهد على نفسه ولا يقدر أن يجحده لظهور أمره . وقيل : وإن الله على كنوده لشاهد على سبيل الوعيد الخير المال من قوله تعالى : " إن ترك خيرا " البقرة 180 والشديد : البخل الممسك . يقال : فلان شديد ومتشدد . قال طرفة : .
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدد .
يعني : وإنه لأجل حب المال وأن إنفاقه يثقل عليه : لبخيل ممسك . أو أراد بالشديد : القوي وإنه لحب المال وإيثار الدنيا وطلبها قوي مطيق وهو لحب عبادة الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس . تقول : هو تشديد لهذا الأمر وقوي له : إذا كان مطيقا له ضابطا . أو أراد : أنه لحب الخيرات غير هش منبسط ولكنه شديد منقبض بعثر بعث : وقرئ : بحثر وبحث وبحثر . وحصل : على بنائهما للفاعل . . وحصل : بالتخفيف . ومعنى حصل جمع في الصحف أي : أظهر محصلا مجموعا . وقيل : ميز بين خيره وشره . ومنه قيل للمنخل : المحصل . ومعنى علمه بهم يوم القيامة : مجازاته لهم على مقادير أعمالهم ؛ لأن ذلك أثر خبره بهم . وقرأ أبو السمال : " إن ربهم بهم يومئذ خبير " .
عن رسول الله A : " من قرأ سورة والعاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا " .
سورة القارعة .
مكية وآياتها11 .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش الممبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدارك ما هي نار حامية " .
الظرف نصب بمضمر دلت عليه القارقة أي : تقرع " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " شبههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار . قال جرير : .
إن الفرزدق ما علمت وقومه ... مثل الفراش غشين نار المصطلي .
وشبه الجبال بالعهن وهو الصوف المصبغ ألوانا ؛ لأنها ألوان وبالمنفوش منه ؛ لتفرق أجزائها . وقرأ ابن مسعود : كالصوف . الموازين : جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله . أو جمع ميزان . وثقلها : رجحانها . ومنه حديث أبي بكر لعمر Bهما في وصيته له : " وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينهم يوم القيامة بإتباعهم الحق وثقلها في الدنيا وحق لميزان لا توضع فيه إلا الحسنات أن يثقل وإنما خفت موازين من خفت موازينه لإتباعهم الباطل وخفتها في الدنيا وحق لميزان لا توضع فيه إلا السيئات أن يخف " فأمه هاوية " من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة : هوت أمه ؛ لأنه إذا هوى أي : سقط وهلك فقد هوت أمه ثكلا وحزنا قال : .
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا ... وماذا يرد الليل حين يثوب