والجيد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين . والصمد فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده وهو السيد المصمود إليه في الحوائج . والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم وهو واحد متوحد بالإلهية لا يشارك فيها وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه وهو الغني عنهم . لم يلد لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبه فيتوالدا . و قد دل على هذا المعنى بقوله : " أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة " الأنعام 101 . ولم يلد لأن كل مولود محدث وجسم وهو قديم لا أول لوجوده وليس بجسم ولم يكافئه أحد أي : لم يماثله ولم يشاكله . ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح نفيا للصاحبة : سألوه أن يصفه لهم فأوحى إليه ما يحتوي على صفاته فقوله : هو الله إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم ؛ لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم لكونه واقعا على غاية إحكام واتساق وانتظام . وفي ذل وصفه بأنه حي سميع بصير . وقوله أحد وصف بالوحدانية ونفي الشركاء . وقوله : الصمد وصف بأنه ليس إلا محتاجا إليه وإذا لم يكن إلا محتاجا إليه : فهو غني . وفي كونه غنيا مع كونه عالما : أنه عدل غير فاعل للقبائح لعلمه بقبح القبيح وعلمه بغناه عنه . وقوله : لم يولد وصف بالقدم والأولية . وقوله : لم يلد نفي للشبه والمجانسة . وقوله : ولم يكن له كفوا أحد تقرير لذلك وبت للحكم به فإن قلت : الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم وقد نص سيبويه على ذلك في كتابه فما باله مقدما في أفصح كلام وأعربه ؟ قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه ؛ وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف فكان لذلك أهم شيء وأعناه وأحقه بالتقديم وأحراه . وقرئ : كفؤا بضم الكاف والفاء . وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء : فإن قلت : لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر متنها وتقارب طرفيها ؟ قلت : لأمر ما يسود من يسود وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله فيها : إن علم التوحيد من الله تعالى بمكان وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم : يشرف بشرفه ويتضع بضعته ؛ ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز فما ظن بشرف منزلته وجلالة محله وإنافته على كل علم واستيلائه على قصب السبق دونه ؛ ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه وقلة تعظيمه له وخلوه من خشيته وبعده من النظر لعاقبته . اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك العاملين لك القائلين بعدلك وتوحيدك الخائفين من وعيدك . وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين وروي أبي وأنس عن النبي A : " أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد " يعني ما خلقت إلا لتكون دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة . عن رسول الله A : أنه سمع رجلا يقرأ : قل هو الله أحد فقال : وجبت . قيل : يا رسول الله وما وجبت ؟ قال : وجبت له الجنة .
سورة الفلق .
مكية وقيل : مدنية وآياتها خمس .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد "