الفلق والفرق : الصبح لأن الليل يفلق عنه ويفرق : فعل بمعنى مفعول . يقال في المثل : هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح . ومنه قولهم : سطع الفرقان إذا طلع الفجر . و قيل : هو كل ما يفلقه الله كالأرض عن النبات والجبال عن العيون والسحاب عن المطر والأرحام عن الأولاد والحب عن النوى وغير ذلك . وقيل : هو واد في جهنم أو جب فيها من قولهم لما اطمأن من الأرض الفلق والجمع : فلقان . وعن بعض الصحابة أنه قدم الشأم فرأى دور أهل الذمة وما هم فيه من خفض العيش وما وسع عليهم من دنياهم فقال : لا أبالي أليس من ورائهم الفلق ؟ فقيل : وما الفلق ؟ قال : بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره من شر ما خلق من شر خلقه . وشرهم : ما يفعله المكلفون من الحيوان من المعاصي والمآثم ومضارة بعضهم بعضا من ظلم وبغي وقتل وضرب وشتم وغير ذلك وما يفعله غير المكلفين منه من الأكل والنهش واللدغ والعض كالسباع والحشرات وما وضعه الله في الموات من أنواع الضرر كالإحراق في النار والقتل في السم . والغاسق : الليل إذا اعتكر ظلامه من قوله تعالى : " إلى غسق الليل الإسراء " 78 ومنه : غسقت العين امتلأت دمعا وغسقت الجراحة : امتلأت دما . ووقوبه : دخول ظلامه في كل شيء ويقال : وقبت الشمس إذا غابت . وفي الحديث : لما رأى الشمس قد وقبت قال : هذا حين حلها يعني صلاة المغرب . وقيل : هو القمر إذا امتلأ وعن عائشة Bها : أخذ رسول الله A بيدي فأشار إلى القمر فقال : " تعوذي بالله من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب " . ووقوبه : دخوله في الكسوف واسوداده . ويجوز أن يراد بالغاسق : الأسود من الحيات : ووقبه : ضربه ونقبه . والوقب : النقب . ومنه : وقبة الثريد ؛ والتعوذ من شر الليل ؛ لأن انبثاثه فيه أكثر والتحرز منه أصعب . ومنه قولهم : الليل أخفى للويل . وقولهم : أغدر الليل ؛ لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر وأسند الشر إليه لملابسته له من حدوثه فيه النفاثات النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين والنفث النفخ مع ريق ولا تأثير لذلك الهم إلا إذا كان ثم إطعام شيء ضار أو سقيه أو إشمامه . أو مباشرة المسحور به على بعض الوجوه ؛ ولكن الله D قد يفعل عند ذلك فعلا على سبيل الامتحان الذي يتميز به الثبت على الحق من الحشوية والجهلة من العوام فينسبه الحشوية والرعاع إليهن وإلى نفثهن والثابتون بالقول الثابت لا يلتفتون إلى ذلك ولا يعبثون به فإن قلت : فما معنى الاستعاذة من شرهن ؟ قلت : فيها ثلاثة أوجه أحدها : أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر ومن إثمهن في ذلك . والثاني : أن يستعاذ من فتنتهن الناس عند نفثهن ويجوز أن يراد بهن النساء الكيادات من قوله : " إن كيدكن عظيم " يوسف28 تشبيها لكيدهن بالسحر والنفث في العقد . أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهن لهم وعرضهن محاسنهن كأنهم يسحرونهم بذلك إذا حسد أي إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه : من بغي الغوائل للمحسود لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره فلا ضرر يعود منه على من حسده بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره . وعن عمر بن عبد العزيز : لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من حاسد . ويجوز أن يراد بشر الحاسد : إثمه وسماجة حاله في وقت حسده وإظهاره أثره . فإن قلت : قوله : من شر ما خلق تعميم في كل ما يستعاذ به . وقالوا : شر العداة المداجي الذي يكيدك من حيث لا تشعر . فإن قلت : فلم عرف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه ؟ قلت : عرفت النفاثات لأن كل نفاثة شريرة ونكر غاسق لأن كل غاسق لا يكون فيه الشر إنما يكون في بعض دون بعض وكذلك كل حاسد لا يضر . ورب حسد محمود وهو الحسد في الخيرات . ومنه قوله A .
" لا حسد إلا في اثنتين " وقال أبو تمام : .
ومنا حاسد في المكرمات بحاسد .
وقال : .
إن العلا حسن في مثلها الحسد .
عن رسول الله A : " من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها الله تعالى كلها " .
سورة الناس .
مكية وقيل : مدنية وآياتها ست .
بسم اله الرحمن الرحيم .
" قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس "