قرئ : قل أعوذ بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام ونحوه . " فخذ أربعة " البقرة 260 فإن قلت : لم قيل برب الناس مضافا إليهم خاصة ؟ قلت : لأن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل : أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم الذي تملك عليهم أمورهم وهو إلاههم ومعبودهم كما يستغيث بعض الموالي إذا اعتراهم خطب بسيدهم ومخدومهم ووالي أمرهم . فإن قلت : ملك الناس إله الناس ما هما من رب الناس ؟ قلت : هما عطف بيان كقولك : سيرة أبي حفص عمر الفاروق : بين بملك الناس ثم زيد بيانا بإله الناس لأنه يقال لغيره : رب الناس كقوله : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " التوبة 31 وقد يقال : ملك الناس . وأما إله الناس فخاص لا شركة فيه فجعل غاية للبيان . فإن قلت : فهلا اكتفى بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرة واحدة ؟ قلت : لأن عطف البيان للبيان فكان مظنة للإظهار دون الإضمار الوسواس اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة . وأما المصدر فوسواس بالكسر كزلزال . والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوس في نفسه لأنها صنعته وشغله الذي هو عاكف عليه : أو أريد ذو الوسواس . والوسوسة : الصوت الخفي . ومنه : وسواس الحلي . والخناس الذي عادته أن يخنس منسوب إلى الخنوس وهو التأخسر كالعواج والبتات لما روي عن سعيد بن جبير : إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولي فإذا غفل وسوس إليه . الذي ويوسوس يجوز في محله الحركات الثلاث بالجر على الصفة والرفع والنصب على الشتم ويحسن أن يقف القارئ على الخناس وبيتدئ الذي يوسوس على أحد هذين الوجهين . من الجنة والناس بيان للذي يوسوس على أن الشيطان ضربان : جنى وإنسي كما قال : " شياطين الإنس والجن " الأنعام 112 وعن أبي ذر Bه أنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس ؟ ويجوز أن يكون من متعلقا بيوسوس ومعناه : ابتداء الغاية أي : يوسوس في صدورهم من جهة الجن ومن جهة الناس وقيل : من الجنة والناس بيان للناس وأن اسم الناس ينطلق على الجنة واستدلوا بنفر ورجال في سورة الجن . وما أحقه ؛ لأن الجن سموا جنا لاجتنانهم والناس ناسا لظهورهم من الإيناس وهو الإبصار كما سموا بشرا ؛ ولو كان يقع الناس على القبليلين وصح ذلك وثبت : لم يكن مناسبا لفصاحة القرآن وبعده من التصنع . وأجود منه أن يراد بالناس : الناسي كقوله : " يوم يدع الداع " القمر 6 وكما قرئ : " من حيث أفاض الناس " البقرة 199 ثم يبين بالجنة والناس ؛ لأن الثقلين هما النوعان الموصوفان بنسيان حق الله D .
عن رسول الله A : " لقد أنزلت علي سورتان ما أنزل مثلهما وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما " يعني : المعوذتين . ويقال للمعوذتين : المقشقشتان