كنا نتذاكر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله A فقال : " ما تتذاكرون ؟ فقلنا : نتذاكر الساعة قال : إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات : الدخان ودابة الأرض وخسفا بالمغرب وخسفا بالمشرق وخسفا بجزيرة العرب والدجال وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونزول عيسى ونارا تخرج من عدن " . " لم تكن آمنت من قبل " صفة لقوله نفسا . وقوله : " أو كسبت في أيمانها خيرا " عطف على آمنت . والمعنى أن أشراط الساعة إذا جاءت وهي آيات ملجئة مضطرة ذهب أوان التكليف عندها فلم ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدمة إيمانها من قبل ظهور الآيات أو مقدمة الإيمان غير كاسبة في إيمانها خيرا فلم يفرق كما ترى بين النفس الكافرة إذا آمنت في غير وقت الإيمان وبين النفس التي آمنت في وقته ولم تكسب خيرا ليعلم أن قوله : " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " البقرة : 25 ، جمع بين قرينتين لا ينبغي أن تنفك إحداهما عن الأخرى حتى يفوز صاحبهما ويسعد وإلا فالشقوة والهلاك " قل انتظروا إنا منتظرون " وعيد .
وقرئ : " أن يأتيهم الملائكة " بالياء والتاء . وقرأ ابن سيرين : " لا تنفع " بالتاء لكون الأيمان مضافا إلى ضمير المؤنث الذي هو بعضه كقولك : ذهبت بعض أصابعه .
" إن الذين فرقوا دينهم كانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون " .
" فرقوا دينهم " اختلفوا فيه كما اختلفت اليهود والنصارى . وفي الحديث : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وهي الناجية وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة " وقيل : فرقوا دينهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض . وقرئ : " فارقوا دينهم " أي تركوه " وكانوا شيعا " فرقا كل فرقة تشيع إماما لها " لست منهم في شيء " أي من السؤال عنهم وعن تفرقهم . وقيل : من عقابهم . وقيل : هي منسوخة بآية السيف .
" من جاء الحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون " .
" عشر أمثالها " على إقامة صفة الجنس المميز مقام الموصوف تقديره عشر حسنات أمثالها وقرئ : " عشر أمثالها " برفعهما جميعا على الوصف . وهذا أقل ما وعد من الإضعاف . وقد وعد بالواحد سبعمائة ووعد ثوابا بغير حساب . ومضاعفة الحسنات فضل ومكافأة السيئات عدل " هم لا يظلمون " لا ينقص من ثوابهم ولا يزاد على عقابهم .
" قل أنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " .
" دينا " نصب على البدل من محل " إلى صراط " لأن معناه : هداني صراطا بدليل قوله : " ويهديكم صراطا مستقيما " الفتح : 2 ، والقيم : فيعل من قام كسيد من ساد وهو أبلغ من القائم . وقرئ : " قيما " والقيم : مصدر بمعنى القيام وصف به . و " ملة إبراهيم " عطف بيان . و " حنيفا " حال من إبراهيم .
" قل أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .
" قل أن صلاتي ونسكي " وعبادتي وتقربي كله . وقيل : وذبحي . وجمع بين الصلاة والذبح كما في قوله : " فصل لربك وانحر " الكوثر : 2 ، وقيل : صلاتي وحجي من مناسك الحج " ومحياي ومماتي " وما آتيه في حياتي وما أموت عليه من الإيمان والعمل الصالح " لله رب العالمين " خالصة لوجهه " وبذلك " من الإخلاص " أمرت وأنا أول المسلمين " لأن إسلام كل نبي متقدم لإسلام أمته .
" قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفسا إلا عليها ولا تزر وارزرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون " .
" قل أغير الله أبغي ربا " جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم والهمزة للإنكار أي منكر أن أبغي ربا غيره " وهو رب كل شيء " فكل من دونه مربوب ليس في الوجود من له الربوبية غيره كما قال : " قل أفغير الله تأمروني أعبد " الزمر : 64 ، " ولا تكسب كل نفس إلا عليها " جواب عن قولهم : " اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم " العنكبوت : 12 .
" وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما أتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم "