" جعلكم خلائف الأرض " لأن محمدا A خاتم النبيين فخلفت أمته سائر الأمم . أو جعلهم يخلف بعضهم بعضا . أو هم خلفاء الله في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها " ورفع بعضكم فوق بعض درجات " في الشرف والرزق " ليبلوكم فيما أتاكم " من نعمة المال والجاه كيف تشكرون تلك النعمة وكيف يصنع الشريف بالوضيع والحر بالعبد والغني بالفقير " إن ربك سريع العقاب " لمن كفر نعمته " وإنه لغفور رحيم " لمن قام بشكرها . ووصف العقاب بالسرعة لأن ما هو آت قريب .
عن رسول الله A : " أنزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة يشيعها سبعون ألف ملك لهم زجل بالتسبيح والتحميد فمن قرأ الأنعام A واستغفر له أولئك السبعون ألف ملك بعدد كل آية من سورة الأنعام يوما وليلة " .
سورة الأعراف .
مكية وهي مائتان وست آيات .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" المص كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين " .
" كتاب " خبر مبتدأ محذوف أي هو كتاب . و " أنزل إليك " صفة له . والمراد بالكتاب السورة " فلا يكن في صدرك حرج منه " أي شك منه كقوله : " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك " يونس : 94 ، وسمى الشك حرجا لأن الشاك ضيق الصدر حرجه كما أن المتيقن منشرح الصدر منفسحه . أي لا تشك في أنه منزل من الله ولا تحرج من تبليغه لأنه كان يخاف قومه وتكذيبهم له وإعراضهم عنه وأذاهم فكان يضيق صدره من الأداء ولا ينبسط له فأمنه الله ونهاه عن المبالاة بهم . فإن قلت : بم تعلق قوله : " لتنذر " ؟ قلت : بأنزل أي أنزل إليك لإنذارك به أو بالنهي لأنه إذا لم يخفهم أنذرهم وكذلك إذا أيقن أنه من عند الله شجعه اليقين على الإنذار لأن صاحب اليقين جسور متوكل على ربه متكل على عصمته فإن قلت فما محل ذكرى ؟ قلت : يحتمل الحركات الثلاث . النصب بإضمار فعلها . كأنه قيل : لتنذر به وتذكر تذكيرا لأن الذكرى اسم بمعنى التذكير والرفع عطفا على كتاب أو بأنه خبر مبتدأ محذوف . والجر للعطف على محل أن تنذر أي للإنذار وللذكر . فإن قلت : النهي في قوله : " فلا يكن " متوجه إلى الحرج فما وجهه ؟ قلت : هو من قولهم : لا أرينك ههنا .
" اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون " .
" اتبعوا ما أنزل إليكم " من القرآن والسنة " ولا تتبعوا من دونه " من دون الله " أولياء " أي ولا تتولوا من دونه من شياطين الجن والإنس فيحملوكم على عبادة الأوثان والأهواء والبدع ويضلوكم عن دين الله وما أنزل إليكم وأمركم باتباعه . وعن الحسن : يا ابن آدم أمرت باتباع كتاب الله وسنة محمد A . والله ما نزلت آية إلا وهو يحب أن تعلم فيم نزلت وما معناها . وقرأ مالك بن دينار : " ولا تبتغوا " من الابتغاء " ومن يبتغ غير الإسلام دينا " آل عمران : 85 ، . ويجوز أن يكون الضمير في " من دونه " لما أنزل على : ولا تتبعوا من دون دين الله دين أولياء " قليلا ما تذكرون " حيث تتركون دين الله وتتبعون غيره . وقرئ : " تذكرون " بحذف التاء . ويتذكرون بالياء . و " قليلا " : نصب بتذكرون أي تذكرون تذكرا قليلا . و " ما " مزيدة لتوكيد القلة .
" وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون "