ولقد أسهم النبي A لابني عامر وقد قدما بعد تقضي الحرب وأمد أبو بكر الصديق Bه المهاجر بن أبي أمية وزياد بن أبي لبيد بعكرمة بن أبي جهل مع خمسمائة نفس فلحقوا بعد ما فتحوا فأسهم لهم . وعند الشافعي : لا يشارك المدد الغانمين وقرأ عبيد ابن عمير : ظماء بالمدح يقال : ظمئ ظماءة وظماء " لا ينفقون نفقة صغيرة " ولو تمرة ولو علاقة سوط " ولا كبيرة " مثل ما أنفق عثمان رضي الله عنه في جيش العسرة " ولا يقطعون واديا " أي أرضا في ذهابهم ومجيئهم والوادي كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذا للسيل وهو في الأصل فاعل من ودى إذا سال . ومنه الودي . وقد شاع في استعمال العرب بمعنى الأرض . يقولون : لا تصل في وادي غيرك " إلا كتب لهم " ذلك من الإنفاق وقطع الوادي : ويجوز أن يرجع الضمير فيه إلى عمل صالح وقوله : " ليجزيهم " متعلق بكتب أي أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء .
" ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " .
اللام لتأكيد النفي . ومعناه أن نفير الكافة عن أوطانهم لطلب العلم غير صحيح ولا ممكن . وفيه أنه لو صح وأمكن ولم يؤد إلى مفسدة لوجب لوجوب التفقه على الكافة ولأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " فلولا نفر " فحين لم يمكن نفير الكافة ولم يكن مصلحة فهلا نفر " من كل فرقة منهم طائفة " أي من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة منهم يكفونهم النفير " ليتفقهوا في الدين " ليتكلفوا الفقاهة فيه ويتجشموا المشاق في أخذها وتحصيلها " ولينذروا قومهم " وليجعلوا غرضهم ومرمى همتهم في التفقه : إنذار قومهم وإرشادهم والنصيحة لهم لا ما ينتحيه الفقهاء من الأغراض الخسيسة ويؤمونها من المقاصد الركيكة ومن التصدر والترؤس والتبسط في البلاد والتشبه بالظلمة في ملابسهم ومراكبهم ومنافسة بعضهم بعضا وفشو داء الضرائر بينهم وانقلاب حماليق أحدهم إذا لمح ببصره مدرسة لآخر أو شرذمة جثوا بين يديه وتهالكه على أن يكون موطأ العقب دون الناس كلهم فما أبعد هؤلاء من قوله D : " لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا " القصص : 83 ، " لعلهم يحذرون " إرادة أن يحذروا الله فيعملوا عملا صالحا .
ووجه آخر : وهو أن رسول الله A كان إذا بعث بعثا بعد غزوة تبوك وبعد ما أنزل في المتخلفين من الآيات الشداد استبق المؤمنون عن آخرهم إلى النفير وانقطعوا جميعا عن استماع الوحي والتفقه في الدين فأمروا أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة إلى الجهاد ويبقى أعقابهم يتفقهون حتى لا ينقطعوا عن التفقه الذي هو الجهاد الأكبر لأن الجدال بالحجة أعظم أثرا من الجلاد بالسيف وقوله : " ليتفقهوا " الضمير فيه للفرق الباقية بعد الطواف النافرة من بينهم " ولينذروا قومهم " ولينذر الفرق الباقية قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم بما حصلوا في أيام غيبتهم من العلوم وعلى الأول الضمير للطائفة النافرة إلى المدينة للتفقه .
" يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين " .
" يلونكم " يقربون منكم والقتال واجب مع كافة الكفرة قريبهم وبعيدهم ولكن الأقرب فالأقرب أوجب . ونظيره " وأنذر عشيرتك الأقربين " الشعراء : 214 ، وقد حارب رسول الله A قومه ثم غيرهم من عرب الحجاز ثم غزا الشام . وقيل : هم قريظة والنضير وفدك وخيبر . وقيل : الروم لأنهم كانوا يسكنون الشأم والشأم أقرب إلى المدينة من العراق وغيره وهكذا المفروض على أهل كل ناحية أن يقاتلوا من وليهم ما لم يضطر إليهم أهل ناحية أخرى . وعن ابن عمر Bه أنه سئل عن قتال الديلم ؟ فقال : عليك بالروم . وقرئ : غلظة بالحركات الثلاث فالغلظة كالشدة والغلظة كالضغطة والغلظة كالسخطة ونحوه " واغلظ عليهم " التوبة : 73 ، " ولا تهنوا " آل عمران : 139 ، وهو يجمع الجرأة والصبر على القتال وشدة العداوة والعنف في القتل والأسر ومنه " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " النور : 2 ، " مع المتقين " ينصر من اتقاه فلم يترأف على عدوه