" وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " .
" فمنهم من يقول " فمن المنافقين من يقول بعضهم لبعض " أيكم زادته هذه " السورة " إيمانا " إنكارا واستهزاء بالمؤمنين واعتقادهم زيادة الإيمان بزيادة العلم الحاصل بالوحي والعمل به . وأيكم : مرفوع بالابتداء . وقرأ عبيد بن عمير : أيكم بالفتح على إضمار فعل يفسره " زادته " تقديره : أيكم زادت زادته هذه إيمانا " فزادتهم إيمانا " لأنها أزيد لليقين والثبات وأثلج للصدر . أو فزادتهم عملا فإن زيادة العمل زيادة في الإيمان لأن الإيمان يقع على الاعتقاد والعمل " فزادتهم رجسا إلى رجسهم " كفرا مضموما إلى كفرهم لأنهم كلما جددوا بتجديد الله الوحي كفرا ونفاقا ازداد كفرهم واستحكم وتضاعف عقابهم .
" أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون " .
قرئ : أولا يرون بالياء والتاء " يفتنون " يبتلون بالمرض والقحط وغيرهما من بلاء الله ثم لا ينتهون ولا يتوبون عن نفاقهم ولا يذكرون ولا يعتبرون ولا ينظرون في أمرهم أو يبتلون في الجهاد مع رسول الله A ويعاينون أمره وما ينزل الله عليه من نصرته وتأييده . أو يفتنهم الشيطان فيكذبون وينقضون العهود مع رسول الله A فيقتلهم وينكل بهم ثم لا ينزجرون " نظر بعضهم إلى بعض " تغامزوا بالعيون إنكارا للوحي وسخرية به قائلين " هل يراكم من أحد " من المسلمين لننصرف فإنا لا نصبر على استماعه ويغلبنا الضحك فنخاف الافتضاح بينهم . أو ترامقوا يتشاورون في تدبير الخروج والانسلال لواذا يقولون : هل يراكم من أحد . وقيل : معناه : إذا ما أنزلت سورة في عيب المنافقين " صرف الله قلوبهم " دعاء عليهم بالخذلان وبصرف قلوبهم عما في قلوب أهل الإيمان من الانشراح " بأنهم " بسبب أنهم " قوم لا يفقهون " لا يتدبرون حتى يفقهوا .
" لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم " .
" من أنفسكم " من جنسكم ومن نسبكم عربي قرشي مثلكم ثم ذكر ما يتبع لمجانسة والمناسبة من النتائج بقوله : " عزيز عليه ما عنتم " أي شديد عليه شاق لكونه بعضا منكم عنتكم ولقاؤكم المكروه فهو يخاف عليكم سوء العاقبة والوقوع في العذاب " حريص عليكم " حتى لا يخرج أحد منكم عن اتباعه والاستسعاد بدين الحق الذي جاء به " بالمؤمنين " منكم ومن غيركم " رؤوف رحيم " . وقرئ : من أنفسكم أي من أشرفكم وأفضلكم . وقيل : هي قراءة رسول الله A وفاطمة وعائشة Bهما . وقيل : لم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير رسول الله A في . قوله : " رؤوف رحيم " . " فإن تولوا " فإن أعرضوا عن الإيمان بك وناصبوك فاستعن وفوض إليه فهو كافيك معرتهم ولا يضرونك وهو ناصبوك عليهم . وقرئ : " العظيم " بالرفع . وعن ابن عباس Bه : العرش لا يقدر أحد قدره . وعن أبي ابن كعب : آخر آية نزلت : " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " .
عن رسول الله A : " ما نزل علي القرآن إلا آية آية وحرفا حرفا ما خلا سورة براءة وقل هو الله أحد فإنهما أنزلتا علي ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة " .
سورة يونس .
مكية وهي مائة وتسع آيات .
بسم الله الرحمن الرحيم .
" ألر تلك آيات الكتاب الحكيم أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين " .
" ألر " تعديد للحروف على طريق التحدي . و " تلك آيات الكتاب " إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والكتاب السورة . و " الحكيم " ذو الحكمة لاشتماله عليها ونطقه بها . أو وصف بصفة محدثة . قال الأعشى : .
وغريبة تأتي الملوك حكيمة ... قد قلتها ليقال من ذا قالها