الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه . و " إن أوحينا " اسم كان وعجبا : خبرها . وقرأ ابن مسعود : عجب فجعله اسما وهو نكرة و " أن أوحينا " خبرا وهو معرفة كقوله : .
يكون مزاجها عسل وماء .
والأجود أن تكون كان تامة وأن أوحينا بدلا من عجب . فإن قلت : فما معنى اللام في قوله : " أكان للناس عجبا " ؟ وما هو الفرق بينه وبين قولك : كان عند الناس عجبا ؟ قلت : معناه أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها ونصبوه علما لهم يوجهون نحوه استهزائهم وإنكارهم وليس في عند الناس هذا المعنى والذي تعجبوا منه أن يوحى إلى بشر وأن يكون رجلا من أفناء رجالهم دون عظيم من عظمائهم فقد كانوا يقولون : العجب أن الله لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب وأن يذكر لهم البعث وينذر بالنار ويبشر بالجنة وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب لأن الرسل المبعوثين إلى الأمم لم يكونوا إلا بشر مثلهم . وقال الله تعالى : " قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا " الإسراء : 95 ، وإرسال الفقير أو اليتيم ليس بعجب أيضا لأن الله تعالى : إنما يختار من استحق الاختيار لمجمعه أسباب الاستقلال بما اختير له من النبوة . والغنى والتقدم في الدنيا ليس من تلك الأسباب في شيء " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى " سبأ : 37 ، والبعث للجزاء على الخبر والشر هو الحكمة العظمى فكيف يكون عجبا ؟ إنما العجب العجيب والمنكر في العقول تعطيل الجزاء " أن أنذر الناس " أن هي المفسرة لأن الإيحاء فيه معنى القول : ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة وأصله : أنه أنذر الناس علي معنى : أن الشأن قولنا أنذر الناس . و " أن لهم " الباء معه محذوف " قدم صدق عند ربهم " أي سابقة وفضلا ومنزلة رفيعة . فإن قلت : لم سميت السابقة قدما ؟ قلت : لما كان السعي والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما كما سميت النعمة يدا لأنها تعطى باليد . وباعا لأن صاحبها يبوع بها فقيل : لفلان قدم في الخير . وإضافته إلى صدق دلالة على زيادة فضل وأنه من السوابق العظيمة وقيل : مقام صدق " إن هذا " إن هذا الكتاب وما جاء به محمد " لسحر " ومن قرأ : لساحر فهذا إشارة إلى رسول الله A وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كاذبين في تسميته سحرا وفي قراءة أبي : " ما هذا إلا سحر " .
" إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "