" ماذا في السموات والأرض " من الآيات والعبر " وما تغني الآيات والنذر " والرسل المنذرون . أو الإنذارات " عن قوم لا يؤمنون " لا يتوقع إيمانهم وهم الذين لا يعقلون وقرئ : وما يغني بالياء وما نافية أو استفهامية .
" فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين " .
" أيام الذين خلوا من قبلهم " وقائع الله تعالى فيهم . كما يقال : أيام العرب لوقائعها " ثم ننجي رسلنا " معطوف على كلام محذوف يدل عليه قوله : " إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم " كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي رسلنا على حكاية الأحوال الماضية " والذين آمنوا " ومن آمن معهم كذلك " ننج المؤمنين " مثل ذلك الإنجاء ننجي المؤمنين منكم ونهلك المشركين . و " حقا علينا " اعتراض يعني : حق ذلك علينا حقا . وقرئ : ننج بالتشديد .
" قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين " .
" يا أيها الناس " يا أهل مكة " إن كنتم في شك من ديني " وصحته وسداده فهذا ديني فاسمعوا وصفه واعرضوه على عقولكم وانظروا فيه بعين الإنصاف لتعلموا أنه دين لا مدخل فيه للشك وهو أني لا أعبد الحجارة التي تعبدونها من دون من هو إلهكم وخالقكم " ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم " وإنما وصفه بالتوفي ليريهم أنه الحقيق بأن يخاف ويتقى فيعبد دون ما لا يقدر على شيء " وأمرت أن أكون من المؤمنين " يعني أن الله أمرني بذلك بما ركب في من العقل وبما أوحي إلي في كتابه . وقيل : معناه إن كنتم في شك من ديني ومما أنا عليه أثبت عليه أن تركه وأوافقكم . فلا تحدثوا أنفسكم بالمحال ولا تشكوا في أمري واقطعوا عني أطماعكم واعلموا أني لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولا أختار الضلالة على الهدى كقوله : " قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون " الكافرون 1 - 2 ، أمرت أن أكون أصله : بأن أكون فحذف الجار وهذا الحذف يحتمل أن يكون من الحذف المطرد الذي هو حذف الحروف الجارة مع أن و أن . وأن يكون من الحذف غير المطرد وهو قوله : أمرتك الخير فاصدع بما تؤمر .
" وإن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين " .
فإن قلت : عطف قوله : " وأن أقم " على " أن أكون " فيه إشكال لأن أن لا تخلو من أن تكون التي للعبارة أو التي تكون مع الفعل في تأويل المصدر فلا يصح أن تكون للعبارة وإن كان الأمر مما يتضمن معنى القول لأن عطفها على الموصولة يأبى ذلك . والقول بكونها موصولة مثل الأولى لا يساعد عليه لفظ الأمر وهو " أقم " لأن الصلة حقها أن تكون جمله تحتمل الصدق والكذب . قلت : قد سوغ سيبويه أن توصل أن بالأمر والنهي وشبه ذلك بقولهم : أنت الذي تفعل على الخطاب لأن الغرض وصلها بما تكون معه في معنى المصدر . والأمر والنهي دالان على المصدر دلالة غيرهما من الأفعال " أقم وجهك " استقم إليه ولا تلتفت يمينا ولا شمالا . و " حنيفا " حال من الذين أو من الوجه .
" ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين " .
" فإن فعلت " معناه : فإن دعوت من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فكني عنه بالفعل إيجازا " فإنك إذا من الظالمين " إذا جزاء للشرط وجواب لسؤال مقدر كأن سائلا سأل عن تبعة عبادة الأوثان . وجعل من الظالمين لأنه لا ظلم أعظم من الشرك " إن الشرك لظلم عظيم " لقمان : 13 .
" وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم "